تعود الحياة تدريجيا إلى طبيعتها بفضل الله وفق احترازات عالية المستوى مما يضمن الوقاية اللازمة من انتقال الفيروس، الذي لايزال يعيش بيننا بشكل قد يهدد كل مَنْ يضرب جميع التعليمات عرض الحائط، ويعتقد أنه قد يصيب الكثير باستثنائه، فنجده دون أدنى مسؤولية بالوضع الراهن، الذي قد يعتبر مرحلة جديدة تتطلب الكثير من الحرص قد جاب الشوارع والمحال دون حاجة ملحة للخروج، كما أنه يفتقر لأدنى مقومات السلامة، التي قد تحميه أو تحمي منه على أقل تقدير، وفي الجانب الآخر هناك مَنْ هو على الرغم من رغبته بعودة الحياة الطبيعية إلى أنه يشعر بقلق كبير من فكرة الخروج من المنزل رغم حاجته والصعوبة في اتخاذ أي قرار حيال ذلك.
موقف ضاغط أو حادث صادم أو أي تغيير مفاجئ وجذري في إيقاع الحياة الروتينية، التي اعتادها الشخص قد ينتج ردة فعل قوية للبعض، وإن أسقطنا ذلك على ما نمر به اليوم، فهناك مَنْ يشعر ببعض الاضطراب الناتج من العزلة الاجتماعية، التي امتدت قرابة الثلاثة شهور، وهذا الأمر لا يقتصر على دولة أو منطقة معينة، بل حالة دخل في دوامتها العديد من سكان العالم. فالأزمة التي ألقت بظلالها على الصحة الجسدية والاقتصاد والحياة الاجتماعية تربث الآن على الحالة النفسية لدى البعض، وهذا ما قد يُعرف «بمتلازمة الكوخ» إذ إن من أبرز أعراض هذه المتلازمة أنها تجعل الشخص يميل للعزلة، فقد تكيف مع تواجده في المنزل لفترات طويلة مما جعل المنزل موقع الارتكاز ومصدر الراحة النفسية، التي يخشى أن يفقدها، فقد أصبح العالم الخارجي ثقيلا عليه، وهنا أتذكر تعليقا لإحدى الصديقات، التي تعتقد أنها مصابة بهذه المتلازمة، والتي طالما كانت تشتكي من القولون سابقا بأن أعراضه قد اختفت منذ ثلاثة أشهر وأنها غير مستعدة لمواجهة العالم الخارجي بعد.
قد يستغرب البعض من الذين لا يعرفون عن هذه المتلازمة من تلك المشاعر، التي قد تعتريهم بعدم الرغبة في الخروج ومخالطة العامة من جديد، وهنا نؤكد أنها تعتبر ردة فعل طبيعية لا تستدعي الخوف، بل تحتاج لوقت كافٍ حتى يتم التأقلم مع الوضع الحالي والاندماج مع العالم ثانية، فمازال هناك في هذه الحياة ما يجعلنا نشحن طاقتنا من جديد لأجله، ومهما جابت في سمائنا سحب سوداء إلا أن الصفاء سيعود يوما بإذن الله، وها هي شمس الحيوية والقدرة على التجاوز تشرق من جديد، وسننعم بنور الدافع الذي مهما أطفأته المحن إلا أنه يعود ليشعل فينا فتيل الإصرار على أن هناك ما يستحق أن نعيش من أجله.
11Labanda@