العمل عن بُعد سيظل أحد أبرز المتغيّرات التقنية والاقتصادية التي ستسود عالم ما بعد كورونا، إذ إنها أثبتت أنه بإمكان الفرد أن يعمل وينتج من أي مكان في العالم، منزله أو مكتبه أو غرفته الفندقية أو محتجزًا في عزلة، فالمهم أن يبقى التواصل قائمًا وأن يكون الفرد نفسه مواصلًا إنتاجه وتواصله وتفاعله وتأثيره.
الأمر الآخر وهو من الأهمية بمكان أن الفرد أصبح أكثر وعيًا استهلاكيًا وادخاريًا، فنفقاته قلت كثيرًا ورؤيته لما ينفقه ويستهلكه أصبحت منظورة بشكل أكثر واقعية ومنطقية، فهو لن ينفق فيما لن يستفيد منه، وإنما كل شيء بحساب، مع عمل حساب لأي تطورات سلبية في العمل والإنتاج والعائد، بمعنى يجعل كل خطوة محسوبة وليس بالضرورة أن يتقشف حد البخل أو عدم التمتع بالحياة، ولكن أصبح كل شيء يتم بدراسة ورؤية وبصيرة أكثر وضوحًا.
بالنسبة للاقتصادات الدولية فهي ستشهد تحوّلات ومتغيّرات كبيرة في اتجاهات الاستثمارات ووجهاته، فمن كان قويًا في مواجهة تحديات الأزمة سيكون الرابح الأكبر، ولله الحمد، فنحن في المملكة من بين قلة من الاقتصادات العالمية التي أدارت أزمة كورونا بكفاءة واقتدار، وأبقت اقتصادنا قويًا ومتينًا في مواجهة هذه الريح، وذلك ما شهدت به مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، لذلك علينا أن نستعد لنقلة كبيرة في النمو «بإذن الله» عقب عبور الجائحة في الشهور المقبلة.