تعرفت مؤخرًا على نموذج طورته مجموعة أبحاث المدينة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (City Research Group,
MIT) بإدارة البروفيسور المعماري كينت لارسين (Kent Larsen). في هذا النموذج يكون الهدف الأساسي لاستخدام تطبيقات المدن الذكية خدمة الإنسان، وهو هدف قد نتناساه بسهولة عندما نركز على التقنية بانبهار.
يحدد لارسين خمس مراحل لاستخدام التقنية لإحداث تحولات حضرية ذات تأثير إيجابي على حياة الناس وهي: التبصر (insight)، والتحول (transformation)، والتنبؤ (prediction)، والإجماع (consensus)، والحوكمة (governance).
في مرحلة التبصر يكون التركيز على فهم الوضع الراهن أو المشكلة، وذلك من خلال إيجاد طرق جديدة للحصول على بيانات تسهّل فهم السلوكيات المعقدة. فَلَو أن الأمر متعلق باختناقات مرورية يمكننا الاستفادة من بيانات الهواتف الذكية، التي توضح أنماط الحركة وأوقات الزحمة والأماكن الأكثر تأثرًا وغيرها الكثير.
بعد ذلك تأتي مرحلة التحول، وهي عبارة عن تدخل تصميمي يفترض أن يحل المشكلة. هذه المرحلة تليها مرحلة التنبؤ، التي تسمح بتوقع نتائج التدخلات، والتي تم تصميمها لدراستها بشكل وافٍ قبل تطبيقها. في هذه المرحلة تستخدم النماذج والمحاكاة من أجل تسهيل عملية اتخاذ القرارات.
أما مرحلة الإجماع، فهي تُعنى بمشاركة الناس مباشرة في فتح مجال الحوار حول المشكلة المطروحة، حيث تسمح بالاستماع إلى فئات المجتمع المختلفة لأخذ منظورها في عين الاعتبار والوصول إلى حلول ترضي غالبية الأطراف. تكمن أهمية هذه الخطوة في توطيد أواصر المجتمع، التي بالتالي تنعكس إيجابيًا على مستوى جودة الحياة.
وأخيرا يأتي جانب الحوكمة، الذي يضبط تطبيق الحلول الذكية من خلال تشجيع الأطراف ذات العلاقة بدعم الحلول، التي تفيد المجتمع. هنا يمكن لجانب الحوكمة أن تحفز ملاك الأراضي على سبيل المثال أن يتخذوا قرارات تزيد من الرقعة الخضراء أو تقلل تكلفة الأراضي وغيرها.
إن الإمكانات لتطبيقات المدن الذكية هائلة، ولكنها بالدرجة الأولى تحتاج لأناس أذكياء في استخدامهم لها.
هؤلاء يعطون الإنسان أولوية. وإن كانت هناك بعض التطبيقات القليلة على أرض الواقع ما زلنا بعيدين كل البعد عن جعل التقنية تخدمنا بالشكل الأمثل. لم يعد من المناسب تكرار أنماطنا التخطيطية، التي يلحقها دعاء يطلب طرح البركة. نحتاج لحلول ديناميكية ومبنية على البيانات والأدلة لتشكيل مستقبل مدننا.
sssolaiman@