ولما كان لكل شيء سبب، فمن الأسباب أحياناً تكون الظروف الاجتماعية، وأما «الأنا» المنتفخة فإن أصابت أحدهما فقل على الدنيا السلام.
لا يهمها إلاّ متطلباتها الشخصية، دون النظر لمتطلبات الآخر، وتكرار المواقف يضاعف حالة النفور، ولا بد أن يكون أحد الطرفين كبش فداء، فيضحي دائماً وبلا مقابل، وغالباً ما تكون المرأة أنا لا أتحيز ولكنها الحقيقة في أكثر البيوت التي تعيش الفراغ العاطفي، ومن هنا تبدأ بداية النهاية.
وأحياناً تكون المرأة المسيطرة، فيشعر الرجل بالضعف، وكما هو معروف، الرجل يحب أن يكون الأقوى في بيته وأمام المرأة، أتفق معه بشرط ألا تكون هذه القوة عاملاً للإساءة للمرأة وظلمها، ومع انعدام هذا الإحساس، يشعر الرجل بالحاجة لعدم استمرار العلاقة، بعكس الزوجة التي تتقبل الإحساس بالضعف، بشرط ألا يصل هذا الضعف لحرمانها من حقوقها، وامتهان كرامتها.
وكذلك التفضيل من أهم الوصول لدرجة الموت العاطفي، عندما يفضل أحد الطرين أهله وأصدقاءه على الطرف الآخر.
ومن مظاهر بداية النهاية أيضاً، خلو الحياة الزوجية من طابع التجديد، والروتين الممل، والتبرم الزائد، والعزلة الدائمة، والصمت الدائم، وانعدام وتمزق لغة التواصل والحوار، كلها عوامل تمهد الطريق للقضاء على البقية الباقية من الحياة الزوجية.
وكذلك الفارق الكبير في المستوى الاجتماعي، والمستوى التعليمي، أو التثقيفي، عند الزوجين.
الحل ليس سهلاً فإما أن ينتهي بطلاق شرعي إلى غير رجعة، أو «بالطلاق العاطفي» الأشد إيلاماً ووجعاً.
شرع الله الزواج كوسيلة سليمة لبقاء البشر، وديمومة الحياة، وكمعين لاتباع الإنسان لأوامر دينه ونواهيه، وصيانة عواطفه وشهواته من الزلل والانحراف، فكانت له أحكام وآداب، وله تبعات وتكاليف ومسؤوليات، يفترض من الزوجين الالتزام بها، حتى تستمر عربة السعادة في المسير على سكتها الصحيحة. هذا ما ذكر في كل المراجع الدينية.
إلاّ أن هذا الميثاق قد يتعرض للتهتكات فيفقد مقاومته لكل عوامل الشد والجذب الداخلية والخارجية، ويصيب جسد العلاقة الزوجية بالخلل فيفقد الزوجان المشاعر والأحاسيس..
إذابة الجليد بين الطرفين، وعدم تركه يتراكم، جزء من الحل، وإزالة الحاجز الصمتي، جزء آخر، وفتح الحوارات والمناقشات الهادئة الهادفة، من الأجزاء، كذلك كسر جدار الرتابة والتجديد، وخلق جو عاطفي، وبجمع كل الأجزاء تتحول إلى وحدة واحدة، تعيد الود فتتغذى الحياة الزوجية بالعواطف والمشاعر وتستقيم، فحل مشكلة الطلاق بدون شهود صعب لكن ليس بالمستحيل.
aneesa_makki@