ودخلت الثورة الشعبية مع بدء هذا الأسبوع مرحلة جديدة، فرضتها عليها أحزاب السلطة، التي انزعجت كثيرا من مشهد الوحدة الوطنية، الذي أظهره مختلف أطياف الشعب اللبناني. لهذا حاولت إشعال الفتنة الطائفية بكل ما أوتيت من قوة، إلا أنها اصطدمت أيضا بوعي الثوار.
أما ما جرى في اليومين الماضيين ما هو إلا أمر عمليات عسكرية حزبية ميليشياوية أطلقته الثنائية المتمثلة بـ«حزب الله» وحركة «أمل» تجاه أيام التعبير عن الآراء وحق التظاهر، في محاولة منهما إلى تحويل التظاهر السلمي إلى فوضى خلابة.
ويظهر جليا أن ما جرى في الأيام الماضية لم يكن حدثا عابرا، فأعمال الشغب التي شهدها وسط بيروت تشكل نقطة تحول، تشي بأمر خطير بدأ تنفيذه، إنها «لعبة الشارع»، التي تتقنها «الثنائية» وأجهزة المخابرات جيدا، وما الذرائع التي اختارها أصحاب «القمصان السود» للنزول إلى ساحات التظاهر إلا «حجة للعنف»، ولتحويل الثورة إلى اقتتال مذهبي سني - شيعي، لولا تدخل الجيش اللبناني الحاسم.
» إيقاظ الفتنة
ففي حين تنهمك الذراع الأمنية لـ«حزب الله» وحركة «أمل» في إيقاظ الفتنة الشيعية - السنية، وشحن الشباب بأمجاد 7 آيار/ مايو، عمل الجناح السياسي على فرض شكل الحكومة، التي يريدها لتغطي سلاح الحزب، الذي بات على المحك، وعليه كُلف حسان دياب برئاسة الحكومة الجديدة بدعم من حزب الله وحلفائه.
وكُلف دياب، وهو أكاديمي ووزير تعليم سابق، الخميس الماضي برئاسة الوزراء .
وقال دياب: أنا أسعى لتأليف حكومة في غضون شهر أو في فترة لا تتجاوز ستة أسابيع.
ويهيئ تكليفه مسرح الأحداث لتشكيل حكومة تبرز نفوذ أصدقاء إيران في لبنان، في وقت يقول وكيل وزارة الخارجية الأمريكية ديفيد هيل بعد لقائه الجمعة مع الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا: حان وقت تنحية المصالح الحزبية والتصرف بما يخدم المصلحة الوطنية ودفع الإصلاحات وتشكيل حكومة تلتزم بتطبيقها وقادرة على فعل ذلك.
ومرشح «حزب الله» وزير سابق في حكومة القمصان السود، ولكنه لن يتمكن من تأليف الحكومة، خصوصا بعدما حجب النواب السنة أصواتهم لصالحه، مما يضرب «الميثاقية والعهد»، وبذلك لن يتمكن من تأمين غطاء سني له، وبالتالي فلا شرعية له.
ولم يحصل دياب على دعم الحريري في ظل نظام سياسي يقوم على المحاصصة الطائفية، ويخصص منصب رئيس الوزراء لمسلم سني، والبرلمان لمسلم شيعي ورئاسة البلاد لمسيحي.
» رفض دياب
والجمعة، أصيب أربعة عسكريين بجروح في منطقة كورنيش المزرعة في بيروت في مواجهات مع محتجين معترضين على تكليف دياب بتشكيل حكومة جديدة.
ولاحقاً تمكن الجيش من فتح الطريق في منطقة كورنيش المزرعة بعد تراجع المحتجين.
وكان عدد من المحتجين قد قطعوا الطرقات صباح الجمعة في بعض المناطق شمال لبنان وشرقه وجنوب بيروت.
ومساء الخميس تم تكليف حسان دياب بتشكيل حكومة جديدة بعد استشارات نيابية ملزمة أجراها عون مع النواب وحاز الرئيس المكلف 69 صوتاً من النواب، وامتنع خلالها 42 نائباً عن تسمية أحد، من بينهم كتلة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري النيابية.