إن عملية تأهيل الطلاب لسوق العمل يمكن أن ننظر لها من جهتين، الجهة الأولى تأهيلهم عمليا لممارسة مهامهم التخصصية، مثلا المهندس يتم تدريبه على كيفية التعامل مع الآلات المختلفة أو كيفية إعداد مخططات واقعية ونحوه، والمحاسب يتم تدريبه على الأساسيات التي يحتاجها في عمله المستقبلي، والمعلم يتم تنمية مهاراته في التعامل مع الطلاب وهكذا، أما الجهة الثانية من التأهيل فتتعلق بتوجيه دفة التدريب والممارسة نحو الوظائف التي يوجد فيها نقص فعلي، تلك التخصصات الدقيقة التي يحتاج سوق العمل أن يسكن فيها جدد لديهم المهارة والجاهزية.
الأساس الأهم الذي ترتكز عليه مسألة التأهيل هي أن ينخرط الطلاب فعليا في بيئات عمل مشابهة لما ينتظرهم بعد التخرج، عن طريق تدريب صيفي، أو حتى تدريب موازٍ للدراسة، حتما الاستفادة من مثل هذه تجربة كبير وكبير جدا، كون الطلاب سيتعاملون واقعيا مع تفاصيل عملهم القادم، وبالتالي سيتعرفون على المهارات اللازمة، ومن ثم ينمونها، كما سيستطيعون التفريق خلال مجريات التدريب بين المهم والأهم، وبالتالي لن يقعوا في فخ تضخيم المهمل وإهمال الأساسي.
كما أن المناهج الدراسية ذاتها يجب أن تنقح وتطور بما يتفق مع التجدد الدائم الذي عليه الصناعات المختلفة والعمل الإداري في المؤسسات والشركات، فالعالم كما نعرف في تطور دائم، وهذا يفترض تطورا آخر على صعيد التعليم. نعم الأساسيات واحدة، لكن أتحدث هنا عن التطبيقات والأمثلة المرافقة، والتي يجب أن تستلهم من الواقع، وهكذا تترسخ لدى الطلاب صورة العمل القادم من خلال هذه التطبيقات ومن خلال التدريب الفعلي الذي يتم ضمن بيئات عمل واقعية.
إن هذا التأهيل المستهدف من شأنه أن يساهم في خلق كوادر شابة لديها من الإبداع والمهارة ما يفي لدفع سوق العمل ككل إلى محطات جديدة من التنافسية، كما يوفر هذا التأهيل الوقت الطويل المهدر في تأقلم الخريجين مع وظائفهم الجديدة، وبالتالي فإن الأمر ضرورة ملحة يتطلبه العصر الذي نحيا فيه.
@ibahathek11