أردوغان فرض شخصيته على الدولة التركية، وقضى على هيمنة جنرالات الجيش، وأخرج تركيا إلى فضاء الحكم المدني، لكن أردوغان نفسه، أدخل تركيا في نفق الأيديولوجية الفردية، إذ كان حاكما متصرفا في تركيا لعقدين، وهذا أغراه بتجريب «النكهات» المزاجية، والإسراف في لعبة «تبديل الطواقي» ويعيد صياغة الأنظمة والقوانين على مقاسه، وهذه لعبة خطيرة، إذ المركزية الأردوغانية ترهق تركيا الآن ثم، حتما، تقودها إلى الفوضى بعد رحيل أردوغان.
ويبدو أردوغان يعيد حقبة من تاريخ سوريا، إذ كان حافظ الأسد سياسيا محنكا، يصمم سوريا على مقاسه، ويمسك بخيوط اللعبة، لكن حينما رحل الأسد جاء ابنه الذي يفتقر لمهارات والده في الإمساك بالخيوط ففلتت منه، فتولت إيران العبث في سوريا في محاولة لجعل سوريا قاعدة إيرانية دائمة، وبتفاقم الأوضاع جاءت روسيا وتركيا اللذان يشاركان إيران في التهام الكعكعة السورية. فاشتركت إيران وتركيا وروسيا في حروب مؤقتة متبدلة متجددة في العراق وسوريا واليمن.
أحيانا تتفق تركيا وروسيا على أن تنظف روسيا حماة وحلب؛ لتعطي هيمنة تركية في إدلب أو أماكن أخرى، ثم توافق روسيا على أن تشارك ميليشيات إيران القوات الروسية في السيطرة على سوريا، وتوافق روسيا على أن تشن إسرائيل غارات على ميليشيات إيران في سوريا، ثم توافق إيران على أن تدخل قوات تركية في شمال العراق، وترفض تركيا التدخل الإيراني في اليمن، ثم تؤيد هذا التدخل، طبقا للصفقات والمزاج الأردوغاني. وتعارض إيران وجود قوات أجنبية في الخليج، لكنها لا تمانع بوجود قاعدة تركية في قطر. ثم تشترك تركيا وإيران في تقاسم النفوذ في غزة، ممثلتين بأجنحة صفوية وإخوانية في منظمة حماس. بمعنى أن بلاد الشام والعراق تحولت، لعبة شطرنج لإيران وتركيا وروسيا بموافقة ورضا أمريكي إسرائيلي، ويتبعه، تقليديا، رضا أوروبي.
وهجوم تركيا على الكورد ليس سوى فصل في مسرحيات حروب تشتعل في الشرق الأوسط؛ لأن العالم يقود بعضه الآن حكام من هواة شبكات التواصل الاجتماعي، ويفتقر إلى زعماء محنكين يقدرون المسئولية التاريخية والأخلاقية للحروب والسلام.
وهذه الموضة العدائية المتبدلة المتجددة، تتطلب من دول المنطقة أن تعتمد على قواها وحدها، فالركون إلى الحليف الأمريكي محفوف بالمخاطر، إذ يمكن أن يلغى بصفقة تجارية عابرة، وطبعا أوروبا، وأن أكثرت الهياط، فهي تابع أمريكي، لا حول لها ولا قوة. وروسيا، ليست أكثر جرأة من أوروبا، وتلعب فقط، وتستعرض وتتظاهر بالقوة، فقط، في مدى «المسموح الأمريكي».
*وتر
نارين، تحمل بندقيتها كما الأنفاس..
تقنص أشباح الخوف وقلبها ذخيرة البارود..
وخصل شعرها فسائل الضوء..
إذ جبال كردستان المهيبة ملاذ ودروع ضد رصاص الغادرين البغاة..
والزاب العظيم يتلوى بين المضايق ويقهر الجغرافيا المحرمة،
ليمنح زلاله العذب هبة للغيداء الباسلة.