قد ذكرت كذلك ، الأداة الثانية التي تساعد المفكران تحريك عقله الصغير وهي "التأمل". فالتأمل هو رؤية النتائج المعرفية والعلمية التي تعلمها الطفل عن طريق محيطة من ناحية روحانية أكثر من أن تكون منطقية. ففي زحمة التطور وكثرة الفتن، جميل أن يختلي الوالدين بطفلهم في مكان يستطيع فيه العقل أن يتأمل الكونيات دون مؤثرات خارجية. فالبحر والجبال والأنهار وغيرها من المخلوقات الأرضية والسماوية، قادرة على مساعدة المفكر الصغير للإرتقاء بعقله وسمو قلبه مستقبلاً. يستطيع الوالدين أن يتأملا المخلوقات بصوت مرتفع ليشاركا طفلهما كيفية التأمل، فذلك سيُحفز الطفل على التفكير خارج نطاق المحيط العلمي والمعرفي من خلال الوقوف متأملاً في عظمة الكونيات.
فالمخلوقات السماوية والأرضية تخاطب عقل الطفل بطرق متعددة، لأن فيها من الجمال والغموض مايدعو الطفل لإستيعاب فكرة وجود الخالق في اللاوعي. وهذه هي الفطرة التي خلقنا الله تعالى عليها، بوجودها يكمن جمالها وثباتها في القلب والبحث عنها في العقل. فتشجيع الطفل على التأمل سيُرسخ وجود فكرة خالق المخلوقات في العقل، وهذا مايسعى له المفكر الصغير. فأسئلة الوجود تحتاج الى تشجيع العقل على التفكير للوصول الى نتيجة ستساعد في تثبيتها تلك التأملات العميقة في المخلوقات. وكلما كثرت أسئلة المفكر الصغير كلما زاد يقيناً بعظمة الخالق لكن نقص المفردات اللغوية قد يعيق تعبيره في كيفية طرح الأسئلة.
فعقول أطفالنا عوالم مختلفة فيها من الثوابت ما يتصل بالفطرة، لذلك فإنهم يتعلقون بالخالق بطريقتهم الخاصة التي تبنى على طريقة التربية .
فجميل أن نشارك عقول أطفالنا ونلامس إحتياجاتهم الروحانية التي تبدأ بالبحث والسؤال.
عزيزي الأب/الأُم حاوروا عقول أطفالكم وداعبوا قلوبهم، فنحن نعيش في وسط عالم واسع من المعارف والعلوم . سيكون مستقبلهم رائع، ولكننا يجب أن نبني قاعدة معرفية وعلمية تستند على الفطرة السليمة ليتجنبوا الوقوع من الإنحرافات التي وقع بها البعض.
وأخيراً، أكتب حروفي هذه وأنا أتأمل القمر في السماء وأتذكر طفولتي التي كانت سعادتها في رؤية السماء بمخلوقاتها. وكيف كنت أَغرق في جمال ألوانها باحثةً عن شئ ما لا أعرفه لكني كنت على يقين بأني أشعربوجود جماله.