تتواصل نجاحات المملكة في خدمة الحجيج عاماً بعد عام بفضل الله سبحانه وتعالى أولاً، ثم بما أولته لخدمة ضيوف الرحمن منذ عهد الملك المؤسس وعبر عهود أبنائه الملوك من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله -يرحمهم الله جميعاً- وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، فقد كانت خدمة الحرمين وما زالت أولى الأوليات عند ولاة الأمر، والواجب الأكيد الذي يعملون على أدائه بكل أمانة وإخلاص ومسؤولية حتى تسمى الملوك بخادم الحرمين الشريفين تأكيداً لهذا الشرف العظيم، الذي هو نعمة من الله سبحانه وتعالى على البلاد والحكام والأمة. ولم تقتصر الجهود الحثيثة والمبذولة عبر السنين على الجوانب العمرانية والمادية، التي توجت بالتوسعات المتتالية، والتي شهدها الحرمان الشريفان، والتي لا تكاد واحدة تنتهي حتى تبدأ أخرى بما يستجيب للأعداد المتزايدة كل عام في أعداد الحجاج والمعتمرين، وإنشاء الطرق السريعة، التي تسهّل انتقالهم بدءاً من المنافذ البرية والمطارات وصولاً إلى المشاعر المقدسة، إضافةً إلى مشاريع قطار الحرمين وقطار المشاعر وما سوف يوفرانه من سهولة الانتقال في راحة وطمأنينة للحجاج والمعتمرين. وكما كانت الجهود حثيثة طوال السنوات الماضية، فهي تتواصل هذا العام بوتيرة متسارعة وباهتمام يتزايد عاماً بعد عام حتى غدت محل احترام وثناء المسلمين جميعاً، الذين يرون ما يلقاه الحجاج والمعتمرون من رعاية منذ وصولهم وأثناء أداء مناسكهم وحتى مغادرتهم إلى بلادهم، الذين بلغ عددهم خلال نصف القرن الماضي حوالي مائة مليون حاج تجاوز العدد في تسعة عشر موسما منها المليونين حاج. وقد واصلت المملكة تقديم أفضل الخدمات للحجاج حتى غدت إجراءات دخولهم تتم في دقائق معدودة، كما تم استخدام الوسائط الإلكترونية في إصدار التأشيرات ومتابعة تفويج الحجاج وتقديم سائر الخدمات لهم وتنظيم تنقلهم بين المشاعر سعيًا للوصول إلى الحج الذكي في المستقبل القريب -إن شاء الله-. أما الخدمات الصحية، فإن وزارة الصحة وبتوجيه من ولاة الأمر تضع كل الأجهزة والقطاعات والمرافق الصحية والكوادر البشرية، التي زاد عددها هذا العام على ثلاثين ألفاً لتقديم الخدمات الوقائية والعلاجية للحجاج بدءاً بمراقبة الوضع الوبائي عالمياً من خلال الإنترنت والمركز الدولي لمكافحة الأمراض في (إتلانتا)، ووضع الاشتراطات الصحية والتطعيم الإلزامي المبكر للعاملين والحجاج، ومراقبة مياه الشرب والنفايات، وتطبيق نظام مكافحة العدوى في المستشفيات، التي تزيد على ثلاثين مستشفى، إضافةً إلى المراكز الصحية الدائمة والموسمية، التي تنتشر في المشاعر، خاصة عرفات ومنى ومزدلفة وداخل الحرم المكي الشريف، وكذلك المراكز المتقدمة للتأهيل الطبي والفم والأسنان ومركز السموم والكيمياء الشرعية ومركز علاج أمراض الكلى وصولاً إلى إجراء عمليات القسطرة والقلب المفتوح عند الضرورة، حيث أجريت للحجاج هذا العام حسب مصادر وزارة الصحة (296) عملية قسطرة قلبية و(16) عملية قلب مفتوح، وأدت هذه الجهود أيضاً إلى انخفاض الحالات المرضية بين الحجاج ومنها ضربات الشمس، التي انخفض عددها إلى ما لا يزيد على أصابع اليد الواحدة في السنوات الأخيرة. أما الخدمات الأمنية وما يتم توجيه رجال الأمن من كل القطاعات بالقيام به نحو الحجاج، فهو أكثر بكثير مما يمكن الحديث عنه، وقد انعكس ذلك أيضاً في راحة الحجاج وطمأنينتهم وثنائهم على تعامل رجال الأمن وما يقدمونه لهم من خدمات ومتابعة لراحتهم من خلال المسار الإلكتروني، الذي يتيح الاطلاع على الخدمات المقدمة لهم في مكة والمدينة. وقد جاءت رؤية المملكة 2030 أيضاً لتولي رعاية الحجاج مزيداً من الاهتمام والخطوات المدروسة لتقديم مزيد من الخدمات الاستثنائية، وتكون أنموذجا فريدا في التنظيم والإدارة للحشود المليونية بكل سهولة ويسر.. وستواصل بلادنا هذه الجهود بعون الله تعالى وفاءً بواجبها الشرعي والإنساني والوطني، وطلباً لرضا الله سبحانه وتعالى بعزم مكين وإرادة لا تلين دون التفات لنعيق ناعق أو حاسد لا يريد خيراً للإسلام والمسلمين.