التحفظ القطري بعد انتهاء اجتماعات القمم الثلاث العربية والخليجية والإسلامية بمكة المكرمة يعتبر خروجا عن الأعراف السائدة، فالدول التي تملك قرارها تعلن عن مواقفها وتحفظاتها أثناء اجتماعات المؤتمرات عادة وليس بعدها، والتحفظ القطري جاء على البيانين الخاصين بالتدخل الإيراني في شؤون دول المنطقة ومركزية القضية الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشريف، وليس من الغرابة أن تتحفظ قطر على البيانين فقد عرف عنها تحريف الحقائق وطمسها في العديد من المؤتمرات، فالاتفاق على جميع النقاط التي جاءت في قمم مكة المكرمة كان واضحا غير أن التراجع عنها والتحفظ عليها من قبل النظام القطري يدل على فقده للسيادة وفقده للنوايا الحسنة وغياب مصداقيته، فالتحفظ يعتبر خروجا عن الاجتماع العربي والخليجي والإسلامي ولا يخدم الأهداف المرسومة المتوخاة من القمم الثلاث.
ولا شك أن التحفظ القطري على بيان قمة مجلس التعاون ضمن القمم الثلاث يعكس تراجعا واضحا عن الأهداف النبيلة التي تستهدف في جملتها تعزيز العمل الخليجي المشترك بين دول المجلس، كما أن تمثيل قطر في القمم الثلاث كان ضعيفا ولا يتناسب مع أهمية وحجم تلك القمم التي عقدت في ظروف صعبة وخطيرة تواجهها الأمتان العربية والإسلامية، وليس غريبا أن يلجأ النظام القطري للتحفظ فهذه الخطوة «المشاكسة» تتوافق تماما مع سياسته القائمة على عدم الاتفاق على أي إجماع عربي أو خليجي أو إسلامي يصب في قنوات مصالح الأمتين العربية والإسلامية، وتلك سياسة لا تخفى على أحد.
ويعمد النظام القطري للخروج عن إرادة المجموعات العربية والخليجية والإسلامية، فقد أجمعت تلك الإرادة على خطر النظام الإيراني المحدق بتلك المجموعات، وأهمية معالجة الممارسات والمناورات الإيرانية المكشوفة، في وقت تنادي فيه قطر بالتوقف عن هذه الإرادة الجماعية وتزعم وفقا لمنطوق تحفظها التخلي عن التصعيد مع إيران والدخول في حوار معها، فالتصعيد كما ترى قطر لن يجدي نفعا ولا يصب في مصالح دول المنطقة وشعوبها، وتلك سياسة قطرية ليست جديدة في حد ذاتها فهي تناصر النظام الإيراني وتدعم توجهاته الخاطئة في المنطقة، والقائمة على التدخل في الشؤون الداخلية للدول ودعم الميليشيات الإرهابية في كل مكان ونشر الطائفية والحروب والأزمات في العديد من أقطار الشرق والغرب.
وتدعي قطر أن التحفظ هو إجراء اعتيادي ومتبع وهو وصف يتنافى مع الحقائق، فالتحفظ في واقع الأمر يمثل السياسة القطرية الخاطئة ولا يعتبر إجراء عاديا ومتبعا في القمم والمؤتمرات، وقد رفضت قطر الحديث عن الوحدة الخليجية داخل منظومة التعاون في الوقت الذي تحاصر فيه ثلاث دول خليجية الدوحة، ويبدو أنها جهلت أو تجاهلت أسباب الحصار الكامنة في دعم النظام القطري للإرهاب وإيواء الإرهابيين في أراضيه، كما أن الادعاء بتجاهل القمم الثلاث لأزمات الشعوب العربية في سوريا واليمن وليبيا هو ادعاء باطل ولا أساس له من الصحة، وما أفرزته القمم من قرارات ركزت على تلك الأزمات ورسمت حلولها الناجعة.