القمم الثلاث التي عقدت مؤخرا بمكة المكرمة ركزت كلها على الأدوار التدميرية التي لعبها النظام الإيراني ومازال يلعبها لإلحاق الضرر بدول المنطقة ووضعها على صفيح ساخن يغلي بالحروب والفتن والطائفية وخطابات الكراهية، وإزاء ذلك فإن القادة من الأمتين العربية والإسلامية أدانوا مختلف تلك الممارسات العدوانية للنظام، وتقاطروا في اجتماعاتهم الأخيرة لوضع الحدود الفاصلة والقاطعة التي تقلم أظافر الإيرانيين وتحول دون استمراريتهم في استمراء تجاوزاتهم المكشوفة التي تضر بمصالح دول المنطقة من جانب وتضر بمصالح العالم الاقتصادية من جانب آخر، وتلك التجاوزات التي أراد بها النظام الإضرار بتلك المصالح ترتبط بصور عديدة من أبرزها تأسيس الميليشيات الإرهابية ودعمها لنشر عوامل الفوضى والاضطراب، وإبقاء دول المنطقة في حالة غليان بالتوتر والأزمات كما هو الحال بدعمها للميليشيات الحوثية في اليمن ودعمها لحزب الله الإرهابي في جنوب لبنان، ولسائر الميليشيات الإرهابية المنتشرة في سوريا والعراق وليبيا وغيرها من الأمصار والأقطار في العديد من دول الشرق والغرب.
ومن تلك الصور العدوانية التي مارسها النظام مؤخرا عبر وكلائه باليمن تخريبه للسفن التجارية في عرض المياه الإقليمية لدولة الإمارات وهجومه السافر على مضخات نفطية بالمملكة، وهنا يتجاوز العدوان حدوده التقليدية إلى عدوان فظيع آخر له ارتباط جذري ومباشر باقتصاديات دول العالم، فالعدوان على الملاحة الدولية عبر تخريب السفن التجارية الحاملة للنفط الخليجي إلى العالم، والعدوان على منصات الضخ النفطي يشكلان معا اعتداء صارخا على اقتصاديات العالم بأسره، وإزاء ذلك تنادت الدول المتضررة وعلى رأسها الولايات المتحدة للدفاع عن مصالحها ومصالح حلفائها بالجنوح إلى التجييش في مياه دول المنطقة وعلى أراضيها كأسلوب عقلاني من أساليب الردع، وللرد على أي حماقة قد تبدر من النظام الإيراني للعدوان على تلك المصالح المشتركة، وقد كان لهذا الأسلوب ردة فعل من النظام بإعادة حساباته إزاء دول المنطقة والعالم، رغم أن ردة الفعل هذه غير موثوق بمصداقيتها نظير ما عهد عن النظام من خروقات وألاعيب مكشوفة مازال يستمرئ ممارستها مع سائر دول العالم.
ومن صور ممارسات النظام الإيراني المعادية للإسلام والمسلمين أعماله التخريبية في مواسم الحجيج عام 1986 وعام 1987 وعام 1989 وقد ألبت عليه الدول الإسلامية كلها وأدانته في أوقاتها، وتلك الأعمال الإجرامية إضافة إلى الإيعاز لعملائه في اليمن باطلاق الصواريخ الباليستية صوب مكة المكرمة والتي تنجح رجالات الدفاع الجوي بالمملكة في إسقاطها وتدميرها قبل أن تحقق أهدافها الشريرة تدل دلالة واضحة لا لبس فيها ولا غموض بأن النظام الإيراني يضمر الحقد والكراهية للمسلمين ويضمر الكراهية لمقدساتهم الدينية، ويضمر الحقد لأي عمل من شأنه نصرة الإسلام والمسلمين، وتلك أحقاد لم تعد خافية على أحد سواء من خلال محاولة تخريب مواسم الحج أو من خلال العدوان الصاروخي على أشرف بقاع الأرض بمكة المكرمة، وكان من الضرورة في هذه الحالة أن تقف الأمة الإسلامية للمناداة باحتواء تلك الاعتداءات الغاشمة على دينهم وعلى مقدساتهم.
وكان من الضرورة بمكان أن تدعو قمم مكة المكرمة إلى نشوء تحالف دولي لقص أجنحة الميليشيات الإرهابية في اليمن والجنوب اللبناني وسوريا والعراق وليبيا وسائر بقاع العالم التي منيت بالتدخل الإيراني في شؤونها الداخلية، تلك الوقفة المسؤولة عربيا وخليجيا وإسلاميا لا تجيء لحماية مصالح دول المنطقة ومصالح الدول الإسلامية فحسب ولكنها تجيء لحماية مصالح دول العالم بأسرها، فالاعتداءات الإيرانية تجاوزت حدودها لتطال تلك المصالح من خلال تخريب السفن التجارية ومن خلال الاعتداءات على المضخات النفطية، وهذا يعني فيما يعنيه أهمية التحالف الدولي ليس لمعاقبة النظام ووقفه عند حدوده فحسب، بل لمعاقبة أذنابه المنتشرين في المنطقة والعالم أيضا فهم مسؤولون عن نشر الإرهاب بكل صوره وأشكاله ودوافعه الشريرة إلى كل مكان.