إلا انه بكل أسف قد تحولت بعض تلك المقاصف إلى فرص استثمارية هدفها الرئيسي تحقيق الأرباح المالية الضخمة لمتعهدي المقاصف.
وقد يكون أمر بعض هذه الشركات التموينية مكشوفا لكل ذي عين وما أن تتمكن تلك الشركات الوهمية من أخذ الفرصة في تشغيل المقاصف حتى تصبح بطون صغارنا مصبا لكل أنواع التلاعب الصحي وتصبح جيوبهم مصادر لا تنضب لسد نهم أولئك الطامعين في الثراء على حساب صحة أبنائنا الذين هم عماد المستقبل وعدة الوطن مع تهميش واضح لرأي الطالب في نوعية الغذاء المقدم له، مستغلين كونه سيضطر للرضوخ للأمر الواقع وشراء جميع ما يعرض عليه مما غلا ثمنه وقلت فائدته.
ويبدو مما نسمع ونرى أن كل ما يهم بعض قادة وقائدات المدارس هو ألا يتأخر هذا المستثمر عن دفع المستحق كل شهر وكل شيء يهون في سبيل ذلك.
وبالطبع يزيد الأمر سوءا عندما يقل الوازع الديني وينعدم الضمير عند ذلك القائد فيتفق مع المتعهد سريا على «تبادل المصالح» وزيادة أرباح المبيعات مقابل زيادة «العائد» الذي يتسلمه قائد المدرسة من المتعهد فيسمح له ببيع أصناف غير مصرح بها في المقاصف المدرسية لضررها على صحة الطلاب.
والأدهى والأمر من كل ذلك ما يسمى التشغيل الذاتي المطبق في بعض مدارس البنات، فهو قد فتح بابا واسعا للمرابحة على حساب صحة الطالبات وجيوب الأهالي تستند فيه قائدة المدرسة على لقبها فتقوم بتشغيل المقصف كبقالة تبدو في ظاهرها لصالح المدرسة والله يتولى السرائر مع تغييب الطالبة عن المشهد وعدم استناد هذا النوع من التشغيل إلى أسس صحيحة يمكن ضبطها بأية ضوابط في ظل عدم نظر المسؤولين بجدية إلى إدارة المقصف وعدم إدخالها بشكل جاد في منظومة الأداء المدرسي التي تقيم وتحدد وفقا لها فئة المدرسة وقائدتها.
وكل من يحتك بهذا المجال سيتعجب من تكريم قائدات اهتممن فقط بما يمكن قياسه على الورق، كدرجات اختبارات الطالبات وتحصيلهن الدراسي ولكنهن أهملن غالبا وبشكل متعمد التحصيل اليومي للطالبة من الغذاء الصحي.
ولكن في المقابل كيف تحسب أمثال هؤلاء القائدات للزيارات الإشرافية أي حساب وهن يعلمن أن أكثر ما في الأمر هو كتابة تقرير أو توجيه تنبيه لا يغير من الأمر شيئا بينما يبقى الباب مفتوحا لمثل هؤلاء للترشح للجوائز!
أنا أدعوكم يا من يهمكم أمر صحة أبنائنا وبناتنا لأن تنظروا في أمر المقاصف المدرسية بعين الفاحص الناقد الذي يسعى نحو الإصلاح، ودعونا نحلم بمدارس ستبنى بقاعات طعام يجلس فيها الطلاب ليتناولوا إفطارهم بهدوء دون زحام يومي، ليكتسبوا القيم الحضارية الصحيحة مع الغذاء الصحي ويتعلموا المحافظة على نظافة المكان بدلا من تركه في حالة من الفوضى.
هذه ليست أحلاما بل هي استشراف للمستقبل الواعد فإن أبناءنا يستحقون لأنهم ذخر هذا الوطن وأساس تقدمه بعد توفيق الله.