في أواخر هذا الأسبوع ينتهي عام دراسي امتد حوالي تسعة أشهر وتبدأ العطلة الصيفية لمؤسسات التعليم بمراحلها المختلفة، وهي العطلة الأطول منذ سنوات حيث تمتد ما يقارب أربعة أشهر، مما يثير عدة أسئلة أهمها كيف يقضي أبناؤنا العطلة؟ وهل يمكن قضاؤها فيما يفيدهم؟ وهل يمكن أن نفعل شيئًا يجعلهم لا ينقطعون تمامًا عن إحساسهم بمسؤولية الدوام ومواصلة التعلم، مما قد يؤثر على مستوياتهم العلمية والمعرفية خاصة من هم في الصفوف الأساسية.. رب قائل يقول ينبغي أن يترك للطلاب والمعلمين أن يقضوا الإجازة فيما يريحهم بعد عناء طويل مع عام كامل من الدراسة والدوام، بداية من النهوض مبكراً إلى معاناة المواصلات وازدحام الطرق إضافةً إلى الالتزام بالواجبات والأبحاث وغيرها، وكذلك للمعلمين والمعلمات اللاتي يعانين أيضًا من مسؤوليات البيت والزوج والأولاد ومسؤوليات العمل، وربما الانتقال إلى مدارس بعيدة عن سكنهن وغير ذلك من المتاعب.. قد يكون ذلك صحيحًا والأصح هو أن تتم إدارة وقت الإجازة الطويل بشكل يحقق الأهداف، بمعنى أن وقت الإجازة الطويل يسمح طبعًا بعد استثناء شهر رمضان باعتباره شهر صيام وعبادة أولاً، ثم باعتباره يأتي بعد ما يبذله الطلاب والطالبات والمعلمون والمعلمات من جهود في امتحانات نهاية العام وما يسبقها عادةً من الاستعداد لها مما يجعل هؤلاء بحاجة فعلاً إلى فترة مناسبة من الراحة، لذلك فلا بد أن يكون لدى كل منا ما يناسب ظروفه الشخصية من البرامج التي تتيح له ولأولاده الاستمتاع بالإجازة، وفي نفس الوقت اقتطاع وقت من زمنها الطويل لاستدراك ما تظهره نتائج الاختبارات أو ما تتطلبه المراحل التالية من التعلم من متطلبات، وخاصةً في مجال اللغات والعلوم التطبيقية كالرياضيات والعلوم العامة وعلوم الحاسب الآلي، والبحث عن جهات موثوقة وذات خبرة وإلحاق أبنائه بالبرامج والدورات التي تقيمها سواء كانت من القطاع العام أو الخاص، وإلى جانب ذلك لا بد من البحث عن جهات أخرى تقدم برامج في مجالات تنمية المواهب والكفايات مثل الرسم والألعاب الرياضية والكتابة، بل وحتى ممارسة الحرف اليدوية أيضًا، خاصةً عند الطلاب والطالبات الذين توجد لهم ميول لأحد هذه الجوانب بما في ذلك المواهب النسائية في التطريز والطبخ، ولا يقل عن ذلك أهمية أيضًا االبرامج الترفيهية والرياضية التي تنظمها الأندية الرياضية والصيفية، ولا شك أنه يجب الاعتناء بأن تتضمن الإجازة رحلات داخل الوطن، لما لذلك من فوائد عظيمة في ترسيخ روح الولاء والانتماء والتعرف على معالم البلاد والمواقع الحضارية والأثرية، وقبل ذلك أيضًا زيارة الحرمين الشريفين وأداء العمرة والزيارة لأن ذلك يعمق المشاعر الإيمانية لدى الناشئة ويعودهم على ممارسة العبادات والطاعات. وإذا كان ذلك مطلوبًا من الآباء والأمهات، فإن جهات عديدة هي مسؤولة أيضًا عن وضع الإجراءات والحوافز التي تشجع المواطنين على وضع برنامج متكامل للعطلة الصيفية، يضمن تحقيق الأهداف التربوية والاجتماعية التي أشرنا إليها، وفي مقدمتها التعليم وهيئة السياحة والترفيه والرياضة والأندية الرياضية والأدبية وجمعيات الثقافة والفنون والخطوط السعودية وغيرها، وليكن ذلك جزءاً من المسؤولية الاجتماعية لهذه الجهات، وينبغي لنا جميعًا بدءاً بالآباء وانتهاء بهذه المؤسسات أن نعتبر عملنا في هذا المجال هو عملا مكملا لجهود المؤسسات التعليمية بمراحلها المختلفة في بناء شخصية الطالب، لأن لهذه الشخصية جوانب اجتماعية ونفسية وتربوية لا يحققها إلا الممارسة اليومية للهوايات والسلوكيات التي قد تكون البرامج التي تتاح للطلاب للاستفادة منها خلال العطلة الصيفية أكثر تأثيراً في تنميتها وبذلك لا تكون العطلة مضيعة للوقت ولا انقطاعًا عن العملية التربوية، بل هي ممارسة حرة خارج أسوار المدرسة، لكنها تساهم في تحقيق مفهوم التربية الشاملة لشخصية المتعلم بكافة جوانبها.