ولا تزال برامج العربية في جامعات أمريكا يتلاحق في أروقتها تطور مذهل، تمليه الحاجة، نعم، ولكن تحكمه أيضا المعرفة والعمق والمرونة. وبحكم وجودي في هذه الأجواء أجدني أكثر المقارنة بين واقع برامج العربية هنا في الولايات المتحدة وبرامج معاهدنا العربية في بلداننا عامة. وخلاصة القول إن الواقع محزن. نقارن انطلاق هذه البرامج الحيوية من طائفة المعارف المتجددة ذات الصلة بتعليم اللغات الأجنبية للأجانب عنها في علوم اللغة ومستجداتها وعلم النفس والعلوم الإنسانية وعلم الاجتماع والتربية ذلك في تمييز واقعي لحاجات الدارسين في تأهيل للمعلم غير قابل للمقارنة بتأهيل المعلم في معاهدنا العربية الواقفة للحين في شحن المتدرب بمسميات طرق التعليم، القواعد والترجمة السمعية الشفوية وبرامج الستينيات في درس المواقف وتدريبات الأنماط بملفحة علم النفس السلوكي الغارب الآن في أفق النظريات والطرق التي تنتظم درس اللغة الأجنبية في مراكزها المتقدمة وبلا ندوات ذات قيمة ولقاءات بمسمى مباحث هي أدنى لأن تكون جلسات أنس لغوي عابر وسمر بلا عمق ولا أثر في تطبيق مخرجات إن كانت هناك.
والمقارنة تغري بتطويل فيها لا يسمح به المجال، ولنترك حديثنا عن طرق البث وأساليبه وتفاعلياته، لكن على أي حال أرجو أن نفتح أعيننا واسعة ما أمكن لتجربة تعليم اللغة العربية في الولايات المتحدة. وقبل الختام أرجو أن أشيد ببلدان عربية استقدمت بعض الجامعات الأمريكية على أرضها لما يعرف في اللغط الدبلوماسي بتبادل الأفكار والتجارب. ولا أبرح قبل أن أبرح أن أذكر أن جامعة مثل جورجتاون تنشئ الآن برنامجا بعنوان لغة التراث العربي، وكنا في غم من أمر العاميات.