ومن أهم هذه الأدوات التعليم، ورغم أن التعليم ليس هو الهوية الوطنية، الاّ أنَّه المصنع الأهم في تشكيلها وصناعتها وإخراجها إخراجاً حسناً، وفي الوقت نفسه لا تموت الهوية الوطنية في غياب التعليم، بل تنقص كثيراً وتكون مشوشة إلى حدٍ كبير.
ومن الأدوات أيضاً القيادة، الثقافة، الإعلام، والفنون. كما لا يمكن العمل على تنمية الهوية الوطنية وترسيخ مقوماتها إلا من خلال جعل الهوية الوطنية إحدى إستراتيجيات وأهداف الدولة بمؤسساتها المختلفة لدعم الشعور بالولاء للوطن والانتماء إليه.
قضية الهوية الوطنية تعتبر أزمة تؤرق كل دول العالم تقريباً، السبب في ذلك أنه مع اختلاف ظروف وأوضاع كل بلد وخصوصيتها، إلا أن التطورات العاصفة التي يشهدها العالم منذ سنوات، والثورة التي فجرها الإنترنت، وما ارتبط بها من تحطيم للحدود بين الدول وانفتاح المواطنين على العالم كله، حملت معها تهديدات وأخطارا للهوية الوطنية في معظم دول العالم، ولهذا أصبح تعزيز الهوية الوطنية إستراتيجية ثابتة لا تحتمل التغيير ولا التأجيل، باعتبارها أُم القضايا، وعلى أساساتها ينمو المجتمع ويتطور.
ورغم أن المملكة تُعتَبَر من الدول القلائل التي لا تعاني أزمة هوية وطنية، الاّ أن رؤية 2030 ركّزت على هذا الجانب وأعطته المساحة والاهتمام الذي يستحق، وذلك من خلال (برنامج تعزيز الشخصية السعودية) وهو أحد برامج مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يرأسه سمو ولي العهد، والذي وضع مجموعة من البرامج لتحقيق رؤية المملكة 2030.
ويركّز هذا البرنامج على تعزيز قيم الوسطية والتسامح والإتقان والانضباط والعدالة والشفافية والعزيمة والمثابرة، وغرس المبادئ والقيم الوطنية وإرسائها على القيم الإسلامية وتعزيز الخصائص الشخصية والنفسية التي من شأنها قيادة وتحفيز الأفراد نحو النجاح.
تعزيز الهوية الوطنية ليس ترفاً، بل هو مهمة وطنية رئيسية فبتحقيقها والتركيز عليها يُحصِّن المجتمع من أطماع ومخططات الغرباء كفانا الله شرورهم.