هذا هو السؤال الذي يلزم الإجابة عنه حتى نعي حقيقة ذلك الاستهداف، وما وراءه، وما دوافعه، لكن قبل هذا يجب أن نطور السؤال ليكون أكثر دقة وشمولا: لماذا يستهدفون المملكة وبكل هذا الحشد من الافتراءات والأضاليل، وفي هذا الوقت بالذات بشكل أكبر؟، رغم أن المملكة منذ تاريخها كانت موضع استهداف لأسباب واضحة تتصل بمواقفها، وبكونها قطب العالم الإسلامي الذي يلتئم حوله شمل الأمة من مشارق الأرض ومغاربها، مما يثير حفيظة البعض، وخصوصا ممن يريدون أن يطاولوا شموخ هذه البلاد بقزميّاتهم، فيضعون أكتافهم بكتفها، وحينما لا يكاد يظهر لهم أثر في الصورة، يذهبون مباشرة لمحاولة النيل منها وغالبا في سوق المزايدات الذي استطاعت أن ترد عليه المملكة بأفعالها ومواقفها، وليس عبر بيانات الشجب والتنديد.
وللإجابة عن هذا السؤال لا بد من معرفة النوعية الأيديولوجية لمن يقف موقف العداء للمملكة، ويحاول الإساءة لها بأي شكل، لنجد أنهم أحد صنفين: إما ممن يدين بالولاء للفرس كأولياء نعمة، وممن يقتاتون على موائدهم من الإخوان وأدعياء المقاومة المزعومة، أو ممن يتحالف معهم ليس حبا بهم، وإنما نكاية بالمملكة التي تقف سدا منيعا ضد مشروع طهران ومد نفوذها في أرجاء الوطن، والصنف الثاني: أولئك المحتقنون من زعامة المملكة عربيا وإسلاميا، والمغتاظون من ثباتها وقدرتها على الاحتفاظ بولاء السواد الأعظم من الأمة ممن يعرفون فضلها، ويقدرون مواقفها، مما يجعل أولئك المحتقنين يسعون بكل ما يملكون من إعلام وصراخ ومال لمحاولة الإضرار بها، أو على الأقل تشويه مواقفها بالأكاذيب. لذلك من السهل جدا كشف هذا الاستعداء الفاضح الذي لا يرتكز على سبب موضوعي، فقد كان هؤلاء الذين يشتمون انفتاح المملكة، وينتقدون مشروعها في تطوير مجتمعها وفق ثوابت الإسلام، وبعيدا عن شوائب الصحوة، كانوا هم من يكيل لها الاتهامات في السابق بالانغلاق والتشدد والرجعية، وما إلى ذلك من الاتهامات، التي انتقلت اليوم مع التحول الكبير الذي تشهده المملكة إلى المقلب الآخر لتتهمها زورا وبهتانا بالانفلات، وهذا ما يؤكد أن هذا الاستعداء قائم لا محالة في كل الأحوال، لكن ما يزيده غلا وحقدا وسوادًا هو قدرة سمو ولي العهد على اختراق حاجز الصوت في سرعة التغيير مما أسقط في أيديهم، ورفع صراخهم إلى عنان السماء.