DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

امام المسجد الحرام : الأعراف الصالحة والعادات المستقيمة تعزز الشعوب وتقويها

امام المسجد الحرام : الأعراف الصالحة والعادات المستقيمة تعزز الشعوب وتقويها
امام المسجد الحرام : الأعراف الصالحة والعادات المستقيمة تعزز الشعوب وتقويها
أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد، المسلمين بتقوى الله عز وجل .
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: جاء الإسلام لتحقيق مصالح العباد في الحال والمآل ، وفي جميع الأحوال : في العقيدة ، والعبادة ، والمعاملات ، والعادات ، والقيم ، والأخلاق ، والارتباطات الاجتماعية ، والعلاقات والإنسانية، مما ينظم حياة الإنسان كلها في الدنيا والأخرة .
وأوضح، أن أعمال الإنسان إما عبادات يقوم عليها دينه، وإما عادات تصلح بها دنياه ، والعادات مرتبطة بنية العبد ، فَحَسنها حسن ، وقبيحها قبيح ، وفي الحديث الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى " مخرج في الصحيحين، والموفق من عباد الله من اختار أفضل السبل ، واجتهد في تحصيل أكمل المـُــثُــل والعادات ، والأعراف ، لها سلطانها على النفوس ، وتمكنها من حياة الناس ، يشق نزع الناس عنها ، ويصعب التخلص منها والفطرة الإنسانية تميل إلى الأنس بما اعتادته والركون إلى ما ألفته .
وبين ان أعراف الناس وعاداتهم جزء من حياتهم ، ورمز من رموز حضارتهم وثقافتهم ، ومن هنا جاء الشرع مقرا لهذه الأعراف ومعترفاً بها ، وهذا كله في الأعراف الصالحة المستقيمة ، أما الأعراف الفاسدة فإن الشرع ينهي عنها ، ويأباها .
وأضاف الشيخ بن حميد أن الأعراف تنشأ من البيئة ، ونظم الحياة الاجتماعية ، جودة ورداءة ، وغنى وفقراً ، وعلما وجهلا ، واستقامة وانحرافا ، ففي الحياة الطيبة تتولد أعراف مجيدة ، ومن الحياة الرذيلة تنشأ عادات سيئة مرذولة ، فعادات كل مجتمع تعبر عن حاله ، استقامة وانحرافا ، وانفتاحا وعصبية ، فالصلاح ينتج عادات صالحة ، والجهل ينتج عادات جاهلية وكلما حَسُنَ تدين المجتمع ، واستقامت تربيته ، وارتقت ثقافته ، وازداد وعيه ارتقى في عاداته وأعرافه ، وقلت فيه العادات السيئة .
وأبان أن العادات : تنشأ وتتولد من معان كريمة ، وأخلاق رصينة ، وقيم عالية ، وكرم وشهامة ، تورثها عقائد مستقيمة ، وتدين صحيح ، ورجال كرام ، ومبادئ في الصلاح راسخة ، مما ارتضته النفوس السوية في أمور معاشها ، ومكاسبها ، وعلاقاتها كما قد تنشأ العادات من سلوكيات منحرفة من الخرافة ، والظلم ، والعصبية ، والاستكبار ، والتسلط ، والجاهلية والعادات ، والأعراف ، والتقاليد ، تعبر عن حياة الناس ، وتجارب المجتمعات خلال مسيرة تاريخهم الحافل بالأحداث والمتغيرات والتطورات وللعادات تأثير بليغ ، فهي تبني وتهدم ، وترفع وتخفض ، وتجمع وتفرق.
وقال إن العادات : سلوك اجتماعي ، يسير عليها الناس ويبنون عليها تصرفاتهم في الأحداث ، والمواقف ، والمناسبات ، والأفراح ، والأتراح ، وتجري عليها أساليبهم في أقوالهم ، وتعاملاتهم ، وما يأتون ، وما يتركون ، في المآكل ، والمشارب ، والمساكن ، والمراكب ، واللباس ، والغذاء ، والحديث ، والألفاظ ، والتصرفات ، والخطط والأنظمة ، والمعاملات ، والبيوع ، والإجارات ، والأوقاف ، والأيمان ، والنذور وغيرها مما تقتضيه حوائج الناس ، وتدفع إليه مسالكهم ، في التدبير ، والإدارة ، والإصلاح وكذلك الحال في أعراف الألفاظ والحركات في تبادل التحايا والترحيب مع ما عليه أهل الإسلام من إفشاء السلام كما تبرز مع الأعراف بعض المعاني الكريمة ، والقيم السامية ، من إكرام الضيف ، ومساعدة المحتاج ، وعون الغريب ، وإغاثة الملهوف .
وفاد أن الغريزة : هي أصل العادات ، فإذا تكرر الفعل الغريزي وتوالى أنتج عادة ، فالعادات تتكون تدريجيا ، ويكون الإقلاع عنها تدريجيا .
واكد فضيلة امام وخطيب المسجد الحرام أن تشريع الإسلام جاء في أحكامه بمراعاة أحوال الناس وعوائدهم المستقرة ، وأعرافهم السائدة مما يلبي مطالبهم ومصالحهم بل إن هذا مما تركه النبي صلى الله عليه وسلم للناس يسيرون فيه على ما يصلحهم مادام أنه لا يعارض شرعا ، ولا يقر ظلما ، فهو داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم : " أنتم أعلم بأمور دنياكم " اخرجه أحمد ، ومسلم ، وابن ماجه والقاعدة في ذلك أن كل ما تعارف عليه الناس واعتادوه وساروا عليه ، ولم يكن فيه حكم شرعي مقرر فانه يوزن بميزان المصلحة الشرعية بعيدا عن الأغراض ، والعصبيات ، فإذا كانت العادة ، أو العرف يحقق للناس مصلحة راجحة ، أو يدفع عنهم مفسدة ظاهرة ، ولا يخل بالمجتمع فهو عرف مقبول ، وعادة نافذة والإسلام أقر من الأعراف ، والعادات ما كان صالحاً نافعا لا يعارض أحكام الشرع المطهر ، وأصلح بعض الأعراف وقوَّمها .
وبين الدكتور صالح بن حميد أن في رعاية الأعراف رعايةٌ لمصالح المسلمين ، والشريعة مصلحة كلها ، ورحمة كلها ، ومن مصالح الناس أن يقروا على ما ألفوه وتعارفوا عليه تيسيرا لهم ، ورفعا للحرج عنهم وأحكام الشرع ارتبطت بحياة الناس ومصالحهم وبظروفهم ، ولذا فكثير من الأحكام الاجتهادية ارتبطت بالأعراف ، والعوائد والأعراف ، والعادات ، تتغير وتتبدل وتتطور مع تطور المجتمعات ، وتغير الثقافات ، وانتشار التعليم فيقبل مالم يكن مقبولا ، ويرفض ما كان مقبولا ، فهي تتغير حسب الزمان والمكان ، والأحوال ، وطبائع الأمم ، وأخلاق الشعوب .
وأوضح أن الأصل في العادات ، والأعراف ، الإذن والإباحة ، وقد تتحول العادة إلى عبادة وسنة ، للفرد ، أو المجتمع سواء كانت حسنة ، أو سيئة ، وفي الحديث : " من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن بنقص من أوزارهم شيء " .
وقال إن الأعراف الصالحة ، والعادات المستقيمة تعزز الشعوب ، وتقويها ، وتشد منها والعادات السيئة والأعراف المنحرفة تضعفها وتحرفها ، والتقليد الأعمى للأباء والأسلاف يضلها ويزعزها وقد جاء الإسلام بالتحذير والتنفير من الأعراف السيئة ، والعادات المستقبحة ، والجمود على ما عليه الأسلاف ، والتمسك بما عليه الأباء والأجداد فهي تبعية عمياء ، وتعطيل للعقول والافهام ، وحرمان من الحرية البناءة أعراف سيئة تكلف الناس المشقة ، والعنت ، وتستنزف منهم الجهد ، والمال ، والوقت ، يلزمون بها أنفسهم إرضاء لغيرهم ، واتقاء لنقدهم ، يتكلفون مالا يطيقون ، ويفعلون مالا يحبون ، وينفقون وهم كارهون ، فكيف إذا كانت عاداتٍ وأعرافاً مخالفة للشرع ، ضارةً بالصحة والعقول ، مسيئة للأخلاق والقيم .
ودعا فضيلته الى التأمل في بعض عادات المجتمعات السيئة في الزواج ، والولائم ، والمآتم ، والمجاملات ، في تكاليف باهظة ، ونفقات مرهقة ، بل ديون متراكمة ومن ثم يكون التواصل والتزاور وإجابة الدعوات عند هؤلاء هماً وغماً ، بدلا من أن يكون فرحاً وسرورا ، فالتزاور للأنس ، والمباسطة ، ولذة المجالسة ، وليس للمفاخرة ، والتكلف ، وإظهار الزينة ، والتفاخر ، والتباهي مما يجعل الحياة هماً ، وشقاء ، وعبئاً ثقيلا .
وأكد فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام انه يتعين على كل عاقل - فضلا عن المسلم الصالح - أن ينبذ كل عادة ، وعرف يخالف أحكام الشرع ، أو يقود إلى عصبية وجاهلية ، وفرقه وتمييز ، وعليه أن يعرض ذلك كله على ميزان الشرع المطهر ، لينفر من قبيح العادات ، وسيء الأعراف ، ويفيء إلى ظلال الإسلام الوارفة ، ودوحته الآمنة ، وإلى مسالك الأخيار من أهل العقل ، والفضل ، والكرم ، والمروءة لافتا الى انه من قدم هذه العادات والأعراف والتقاليد على شرع الله ، وحكمه ، أو تحاكم إليها بدلا من التحاكم إلى شرع الله ، فهذا منكر عظيم قد يقود إلى الخروج من الملة عياذا بالله .