دانت الحكومة اليمنية إقدام ممثل برنامج الغذاء العالمي لدى اليمن «ذو الفقار علي شاه» على توقيع مذكرة تفاهم مع ميليشيات الحوثي بشأن إعادة تنشيط ميناء الحديدة بتمويل من برنامج الغذاء العالمي، بحسب ما تناقلته وسائل الإعلام التابعة للميليشيات الحوثية، والمدعومة من طهران، وقال وزير النقل اليمني صالح الجبواني: «إن قيام برنامج الغذاء العالمي بهذا الإجراء مع ميليشيات الحوثي يتنافى مع القرارات الدولية، وتحديدا القرار 2216، لافتا إلى أن الميليشيات ملزمة بالانسحاب من مدينة وميناء الحديدة بموجب قرارات مجلس الأمن، واتفاقية ستوكهولم، مؤكدا أن الحكومة الشرعية ستتقدم للمبعوث الخاص مارتن غريفث، وللأمين العام بطلب إلغاء هذا الاتفاق».
يفهم الجميع أن تقوم ميليشيات الحوثي بتجاوز القرارات الأممية، أو الالتفاف عليها، أو التلكؤ في تنفيذها كما هي العادة دائما مع كل الجماعات الخارجة عن القانون، لأن ليس لديها ما تخسره، لكن ما لا يُمكن فهمه أن تقوم واحدة من مؤسسات الأمم المتحدة بالمساهمة في تقويض قرارات المنظمة، وضرب اتفاقية ستوكهولم التي لم يجف حبرها بعد، وهي الاتفاقية التي تطالب الميليشيات الحوثية بالانسحاب الكامل من مدينة الحديدة، وكذا من مينائها، وهذا للأسف ما يشجع هذه العصابات على الاستهتار بالقرارات الأممية، ويعطيها الذريعة للتحايل، ومحاولة التملص من التنفيذ طالما أنها تجد في بعض مسؤولي البرامج الأممية من هو إما أنه لم يستوعب محددات القضية التي يعمل في إطارها، وهذه مصيبة، أو أنه يعرف، ولكنه يريد أن يتماهى مع الميليشيات فيضرب بالقرارات الدولية عرض الحائط من أجلها وهذه كارثة.
وبالتالي فنحن على يقين من أنه لولا مثل هذه الثغرات والخروقات التي تحصل من حين لآخر في المشكلة اليمنية، والتي تشكل في النهاية منفذا للميليشيات للتملص من الالتزامات الدولية، والتخفف من الضغوط؛ لما امتدت الأزمة اليمنية إلى كل هذا الوقت. لكن التفسيرات الخاطئة أحيانا، وغض الطرف أحيانا أخرى عن حماقات الحوثيين ساهم بشكل أو بآخر في رمي طوق النجاة للميليشيات كلما أوشكت على الغرق.
وبناء عليه، فإنه ما لم تبادر المنظمة الدولية لمعالجة هذه الإشكالية، وتحاسب المتسببين، فإن كل ما أبرم في العاصمة السويدية سيتحول إلى هباء منثور، وإلى ركام من التفاهمات العبثية غير القابلة للتنفيذ، طالما هنالك من يصر على اختراقها بحسن أو بسوء نية.