منذ قيام الكيان السعودي الشامخ على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله -، وحتى العهد الميمون الحاضر تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، والمملكة تسعى باستمرار لمد جسور من التعاون الوثيق والمطلق مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي؛ للوصول إلى الغايات والأهداف التي من شأنها تحقيق أقصى درجات الاستقرار والأمن والتنمية لكافة المجتمعات البشرية، وهو ديدن أدى إلى استمرارية المملكة في أداء دورها الإسلامي الكبير بمساعدة الدول الفقيرة والأشد فقرا في العالم؛ للنهوض بقدراتها وتطوير مؤسساتها وهو دور ينم عن سلوك إنساني ينبع في أساسه من الإحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين، وهو إحساس يرتبط ارتباطا وثيقا بتعاليم وتشريعات ومبادئ العقيدة الإسلامية السمحة، التي تحكمها المملكة في كل أمر وشأن منذ عهد تأسيسها حتى اليوم، وقد أدى انتهاج تطبيق هذا الدور الكبير إلى إعجاب وتقدير وتثمين كافة دول العالم دون استثناء لما تقوم به المملكة من بذل مساعداتها اللا محدودة لعدد كبير من الدول الفقيرة والأشد فقرا، وتلك مساعدات تنطلق في أساسها من قواعد إسلامية ثابتة تدعو إلى نشر التكافل الإسلامي، وهي مساعدات تمليها مكانة المملكة الإسلامية المرموقة بين دول العالم، وما زالت تقوم بتأدية هذا الدور على خير وجه وأكمله.
وانطلاقا من هذا المفهوم الإسلامي لدور المملكة الريادي من خلال تقديم مساعداتها الكبرى للدول المحتاجة، فإن قيادتها الرشيدة أعلنت في جلسة مجلس الوزراء الموقر، يوم أمس الأول، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، عن تنازلها عن أكثر من 6 مليارات دولار من الديون المستحقة على الدول الفقيرة، وهذه مبادرة كريمة تنم عن حرص المملكة الشديد على الأخذ بيد تلك الدول للقيام بأعبائها التنموية دون التفكير بسداد تلك الديون الباهظة، وهي مبادرة ليست جديدة في حد ذاتها فالاعفاءات المماثلة تتكرر بين حين وحين إيمانا من المملكة بأن هذه الخطوات لها مردوداتها الايجابية المباشرة على استقرار تلك الدول وتحسين أحوالها المعيشية، وهي خطوات تستند أساسا على تطبيق تعاليم الشريعة الإسلامية الغراء، التي نادت بنشر التكافل بين المسلمين ومساعدتهم على تجاوز محنهم وأزماتهم والوقوف إلى جانبهم في السراء والضراء، وقد نجحت المملكة أيما نجاح في تنفيذ تلك الخطوات الإنسانية التي عادت وما زالت تعود على تلك الدول المحتاجة بخيرات وافرة على رأسها التمكن من التغلب على مشاكلها المعيشية والبحث عن قنوات رخائها واستقرارها.