التعويل على متغيرات سياسية جذرية في العراق بعد الترشيحات الأخيرة لرئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء يمكن الركون اليها لصناعة رؤية جديدة بإمكانها انتشال هذا القطر العربي من أزماته التي كانت عالقة قبل تلك الخطوات وأصبح انحسارها ممكنا حتى وإن جاء على فترات مرحلية، ذلك أن بعض الساسة الذين رشحوا لتولي مناصب قيادية هامة هم من المخضرمين الذين دخلوا معترك السياسة عند منتصف القرن المنصرم ويمتلكون من الخبرات ما يؤهلهم لانقاذ العراق من انعكاسات بؤر التوتر التي تولدت مع سلسلة من الخلافات الطاحنة داخل الجسد العراقي فكادت تنهكه تماما، فامتلاك تلك النخب السياسية المنتقاة لقيادة العراق المقبلة ونقله الى بر الأمان يعطي مساحة من التفاؤل بامكانية تهميش مختلف التوترات القديمة لصناعة مستقبل أفضل لهذا القطر الذي مزقته الحروب والنزاعات وكادت تأتي على الأخضر واليابس فيه، لاسيما بعد التدخلات السافرة للنظام الايراني في شؤونه وانتشار الميليشيات الارهابية العديدة في محاولة لتقويض ارادة العراقيين والعبث بمصيرهم وإرادتهم وسيادة دولتهم الحرة، فالترشيحات التوافقية لعدد من المناصب القيادية في العراق تمنحه فرصة سانحة ومواتية للتغلب على أعقد الأزمات الشائكة التي لابد أن يخرج العراق منها متعافيا وقويا.
لدى تلك النخب رؤى لصناعة مستقبل جديد في العراق يقوم على رفد الوحدة الوطنية بأفكار طموحة يمكن معها رسم الملامح الواضحة لتلك الصناعة المأمولة، ويهم تلك النخب السياسية ابعاد العراق عن شبح الحروب وأشكال الفساد الاداري والانفراد بالقرارات المصيرية، كما يهمها في ذات الوقت أن يبقى العراق خاليا من صور الاستقطاب والتدخلات الأجنبية في شأنه واحتواء ظاهرة الارهاب التي تفشت بين صفوف أبنائه لفترة من الزمن طويلة سواء من قبل ارهاب الدولة المتمثل في النظام الايراني أو من قبل مجموعات من الارهابيين الذين تسللوا الى أرض العراق ليعيثوا خرابا وفسادا وتدميرا فيها، فالنقلة الجديدة نحو صناعة المستقبل الجديد تستدعي تقليم أظافر الارهابيين وتطهير العراق من صور المحسوبيات وصور الفساد بكل أشكاله ورموزه التي كان لها من التداعيات الخطيرة على سلامة العراق واستقراره وأمنه ما يمكن وصفه بالمرحلة المتأزمة التي أدخلت هذا القطر في دائرة واسعة من التشرذم داخل الذات وعدم الانصهار بأي تطلعات مرتقبة لتسوية النزاعات المحتدمة داخل صفوف السياسيين بأي لون من ألوان التسوية.