نفخر كسعوديين بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية»؛ كونه مهرجانًا وطنيًا يربط أجمل ما في ماضينا مع أروع ما في حاضرنا. فمن الحرف اليدوية إلى الفلكلوريات الشعبية، مرورًا بإبداعات الشعر، والأناشيد الوطنية، واستعراض للهجن العربية، والندوات والأمسيات الثقافية، وعرض لما وصلت إليه المملكة من مكانة اقتصادية وحضارية وثقافية. كما نفخر بمهرجان سوق عكاظ، والذي يقام في الطائف، حيث يعود بنا لتاريخ مشرف، ولاسم لامع في تاريخ الأدب العربي، ولفضاء رحب للإبداع الثقافي والفكري، حتى اعتبره البعض زادًا لكل متعطش للشعر والأدب والتاريخ.
ما يجمع بين المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية»، ومهرجان «سوق عكاظ»، أن المهرجانين هما مشروعان وطنيان يحظيان بدعم وإشراف ومتابعة من قيادة هذا الوطن، وقد باتا من أهم المشاريع الوطنية السياحية سواء من داخل المملكة أو من خارجها. ومع أن النجاح في أي منطقة من مناطق المملكة هو نجاح لبقية المناطق، إلا أن إضافة مشروع وطني لمهرجان ثقافي «ثالث» في المنطقة الشرقية، يعتبر فكرة رائعة لما سيترتب عليها من فرص ذهبية لإبراز تراث وثقافة هذا الجزء من وطننا الغالي.
لقد حبا الله المنطقة الشرقية، إرثًا ثقافيًا وتراثيًا وتاريخيًا وأدبيًا، ما يجعلها مهيأة لاستضافة مثل هذا المشروع. ولعل محافظة الأحساء بكل ما تملكه من ذلك الإرث الحضاري، هي مكان مناسب لاحتضان مثل هذا المشروع الثقافي. كما أن «جزيرة دارين»، والتي تحمل إرثًا تاريخيًا عظيمًا، مهيأة هي الأخرى، وكخيار ثانٍ، لاستضافة مثل هذا المهرجان الوطني. فدارين كانت أهم ميناء تجاري قبل إنشاء ميناء البصرة، ترد إليه بضائع المسك والأحجار الكريمة والعاج والخشب الفاخر من الهند، كما تصلها المنسوجات الحريرية المصنوعة في الصين. هذا بالإضافة لموقعها الجغرافي القريب من المدن الرئيسية كالجبيل، والقطيف، وحاضرة الدمام «الدمام الخبر الظهران». حيث الكثافة السكانية، واكتمال البنية التحتية. وليس أدل على ذلك من قول الشاعر:
يمرون بالدهناء خفافا عيابهم
ويخرجن من دارين بجر الحقائب
ولكم تحياتي