هو إجراء يعني فيما يعنيه الاعتراف بمدينة القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني المحتل، كما يتشدق بذلك ساسة إسرائيل رغم أن هذا الاعتراف في حد ذاته مرفوض من سائر المنظمات والهيئات الدولية لأنه يسبق تسوية الأزمة العالقة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، كما أنه مرفوض في ذات الوقت من كافة دول العالم دون استثناء.
لقد استنكرت المملكة وسائر الدول العربية والاسلامية والصديقة هذا الاجراء الأحادي واعتبرته سببا يمهد لإطالة الأزمة التي لم تحل بين الطرفين، ويمهد لسلسلة عمليات من العنف في المنطقة لن تكون محدودة المكان بل ستصل الى دول المنطقة والى دول أخرى في العالم، وهو تمهيد بدأت علاماته تظهر بوضوح في أعقاب الحفل الذي أقيم بمناسبة نقل السفارة.
ولا يمكن لهذا القرار الأحادي أن يفضي الى سلام حقيقي في المنطقة، بل سيؤدي الى إشعالها والى تعقيد الأزمة الراهنة رغم أن الإدارة الأمريكية أعلنت أثناء حفل التوقيع على نقل السفارة أنها ملتزمة تماما باحلال السلام في المنطقة وتسوية الأزمة بين الطرفين بطريقة تعيد للفلسطينيين حقوقهم وإقامة دولتهم المستقلة، وهو إعلان غريب في حد ذاته وقد جاء في وقت غير مناسب بالمرة.
هو التزام يتناقض تمام التناقض مع الاجراء الأحادي الذي مارسته الادارة الأمريكية بنقل سفارتها من تل أبيب الى مدينة القدس، فهذه المدينة لا يمكن اعتبارها عاصمة لإسرائيل، فهو اعتبار مرفوض ليس من دول المنطقة فحسب بل من كافة دول العالم التي ترى في هذا الاعتبار تناقضا صريحا مع الأعراف والقرارات والمواثيق الدولية ذات الصلة بالأزمة.
وإزاء ذلك فان الإدارة الأمريكية اذا أرادت بالفعل أن تصل الى تسوية حقيقية للأزمة القائمة بالمنطقة فان عليها سحب قرارها المجحف بحق الفلسطينيين، فالقدس ستظل مدينة عربية تحتضن في أرجائها مختلف الديانات، ولن تتحول بأي حال من الأحوال الى عاصمة لإسرائيل كما يدعي ساسة تل أبيب، فالقرار الأمريكي سوف يزيد الأزمة تعقيدا ما لم يعد النظر في أمره واعتباره شطحة سياسية غير مسؤولة وغير لازمة.