أهم ما يهم أي شعب في الدنيا أن تشعر قيادته بنبضه ومعاناته وطموحاته. ومن خبرتي في هذه الدنيا الواسعة ودولها وشعوبها فإنني لا أعرف قيادة مثل قيادة المملكة تلتفت إلى نبض الناس ومعاناتهم وتستجيب لما يأملونه أو يتوقعونه منها. قبيل بدء زيارة سمو ولي العهد إلى أمريكا تمنيت أن يتفضل سموه ويأمر بضم جميع الدارسين على حسابهم في الجامعات الأمريكية إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث. لم أكن أعلم، بطبيعة الحال، أن ذلك من ضمن ما حمله معه من ملفات لم تكن تحتاج إلى دعوات أو أمانٍ مني أو من غيري، فالقيادة تعيش حياة الناس وتعلم عن أحوالهم أكثر وأهم مما نعلم.
لذلك لم يكن مفاجئا أن يصدر التوجيه الملكي الكريم بناء على ما رفعه سمو ولي العهد بضم كافة الدارسين على حسابهم في كل جامعات العالم، وليس في جامعات أمريكا فقط، إلى برنامج الابتعاث. كنت أتوقع ذلك حتى مع مضي الأيام في زيارة أمريكا والاقتراب من نهاية هذه الزيارة. يقيني هو الذي جعلني متأكدا من أن هناك (فرحة) كبرى ستعم كل المتبعثين والمبتعثات. وقد تحققت هذه الفرحة بضم الدارسين على حسابهم وصرف مكافأة 2000 دولار لجميع الطلاب والطالبات المبتعثين في جميع دول العالم.
وإذا كنت أهنئ طلبتنا وطالباتنا على ما منحتهم إياه القيادة من رعاية فإنني أثمن، كما يثمن كل ولي أمر، هذا الاستثمار الكبير والمباشر في ثروتنا البشرية، فهؤلاء الطلبة والطالبات سيعودون غدا إلى بلادهم ويستلمون الوظائف الإدارية والتشغيلية في مشاريع المستقبل. ونحن، كوطن ومجتمع، نعول عليهم كثيرا لينقلونا إلى واقع اقتصادي وصناعي وتكنولوجي جديد يواكب ما عليه العالم المتقدم اليوم من متغيرات ومنافسات قوامها العلم المتقدم والعمل الجاد والمبدع.
نحن، في المستقبل القريب أو البعيد، على موعد مع جيل تعلم في أرقى الجامعات وأتقن أفضل المهارات، جيل ذهبي سيغير ملامح التنمية والتقدم في بلادنا.
