الإجابة عن هذه الاشكاليات التي تفرض بدورها اتباع ومعرفة ما وصلت إليه الحركة النقدية في هذا المجال، وهل طورت من ذاتها هي الأخرى أم أنها لم تنفصل عن التزامها بالقيم الكلاسيكية وراديكالية النقد الفني؟
عند تكوين منجزه الفني بقيمه وتقنياته الحديثة يحاول الفنان أن يقوم بدمج أحاسيسه وانفعالاته، وفق حدود المساحة واللون والضوء والبنية والخط، وهنا يتكون منجزه البصري الفني التشكيلي الذي يحدد أبعاده وزواياه كما المنحوتة أو اللوحة، بنفس الانتماء والاندماج الذي يتراكم في تحديداته بين الخامة والفكرة والرؤية والمحاورات والجدليات الفلسفية والوجودية، وبالتالي فإن تطور الفنون ومجاراة الحداثة وتقنياتها وأساليب التعبير المجردة المبنية على الفنون المستقبلية والمفاهيمية المطلقة، حولت وجهة الفن إلى الحسيات الرمزية والتفاعلية، فالجانب الحسي انبنى على الافتراضي الرقمي، وهو ما يرتكز على مهارات الفنان وتعايشه مع التقنيات الحديثة على الحاسوب والانترنت على البرامج الرقمية وآليات تشغيلها مع بعضها البعض، وعلى مفاهيم العولمة والانتشار وفق المحامل المتعددة باعتماد المادة الفنية المنجزة وفق القيم الجمالية البصرية متعددة الرؤى وأفق الإنجاز، ولعل فن الفيديو يعتبر ظاهرة منتشرة ومؤثرة كأسلوب تعبير فني متعدد الوسائط والأساليب والتنفيذ، كما أنه لا ينفصل عن تكنولوجيا الحداثة والأجهزة الرقمية والجمهور والتطوير الفكري والاتصال الانفعالي فهو يدمج الفنون مع الفكرة، ومع الصورة مع الخيال ولا ينفصل عن الحركة الفنية في أبعادها ومقاييسها وما يفرق بينهما هو التناول والطرح والعرض فهو انفصال يخدم عصره وحضور يؤسس لفكرة مدهشة التأثيرات والمؤثرات.
ومن هنا تتجلى داخله كمنجز لحظات إبداعية مكتملة ومتناسقة في البحث والتنفيذ تتكئ على التركيز الإنساني على الجماليات المتدفقة بكثافة وتداخل بين الواقع والابداع والخيال بكل مثيراته.
*كاتب في الفنون البصرية