تصميم المسجد في حد ذاته يمثل احد القضايا المهمة في العمارة.. فمن الناحية التاريخية كان المسجد هو الخطوة الاولى لنشأة المدينة والقرية.. وكان دائما يتخذ مراكز وسطية تربط النسيج العمراني ببعضه وتحدد ملامحه.. على ان تصميم المسجد المعاصر تنتابه العديد من المشاكل اهمها واخطرها المشكلة الاقتصادية.. اذكر انى كنت اتحدث لاحد المسئولين في وزارة الشؤون الاسلامية وذكر ان المملكة يوجد بها اكثر من 50000 مسجد, تواجه الوزارة مشكلة حقيقية في تشغيلها خصوصا وانها غير مصممة بشكل جيد من ناحية الاستجابة المناخية.
ومن ناحية التماشي مع حجم الحي السكني وعدد سكانه مما يجعل تلك المساجد فارغة ولاتستخدم بكل طاقتها الاستيعابية الا في ايام الجمع.
لقد كان حديث المسؤول منصبا حول اهمية اعادة مراجعة كاملة لوضع المسجد والجامع من بلادنا.. اذكر انني قبل فترة اقترحت ان يكون المسجد مرنا تصميميا بحيث تزيد مساحته وتصغر حسب الحاجة, وذلك عن طريق تقسيم المسجد الى اجزاء يمكن فصلها, فالتقنية اصبحت متوفرة لمثل هذا الاجراء, وكذلك باضافة مسجد صغير في حالة الجوامع التي تقام فيها صلاة الجمعة بحيث يستخدم هذا المسجد لاداء الفروض..
وطبعا هذا لايغني ابدا عن تطوير مواصفات بناء المسجد والحرص على تنفيذه بمواد قوية تعطي للمبنى الحياة فترة طويلة دون الحاجة الى صيانة..
اذكر انه في جدة يوجد احد المساجد به مركز تجاري في طابقه الارضي, وكذلك في مدينة دبي شاهدت مسجدا في منطقة عيال ناصر في طابق الميزانين بينما الطابق الارضي كله محلات تجارية.. والمبنى في موقع استراتيجي.. فسألت احد المشايخ عن شرعية هذا العمل فقال لي عبارة جميلة جدا هي (المسجد القوي خير من المسجد الضعيف), فقلت له كيف يا شيخ.. قال ان الامام احمد رحمه الله يجيز هدم المسجد ونقله الى مكان آخر اذا كان هناك مصلحة للمسجد والمجتمع.. ووجود مراكز تجارية في المساجد او تحت المساجد سيكون لها نفع كبير للمسجد لانها ستكون وقفا له.. يمكن الصرف منها على المسجد - صيانته وتشغيله - بالاضافة الى اقامة الانشطة المختلفة مثل تحفيظ القرآن والدعوة للاسلام وغيرها من النشاطات التي تعيد للمسجد والجامع دوره المحوري في المجتمع الاسلامي.. اذن نحن نبحث عن المساجد القوية التي تعتمد على ذاتها.. فهل نستطيع تحقيق ذلك في القريب المنظور.
