فلسطين «الأقصى»، «القدس» هل ما زلنا نتذكر هذه الأسماء؟! أم أنهم أشغلونا بحروب وفتن داخلية وخارجية، وتفرقة بغيضة عنيفة، وطائفية وحشية مقيتة، حتى أصبح بأسنا بيننا شديدا! تحت شعار: فرق تسد. ويذكر أن الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت قال: «في السياسة لا يحدث شيء صدفة، وإذا حدث تأكد بأنه خطط له».
تضامنا مع القضية الفلسطينية خصصت الأمم المتحدة يوم 29 نوفمبر من كل سنة ليكون يوما عالميا يسمى «اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني». ذلك الشعب الذي يبلغ تعداده أكثر من 12 مليون نسمة، ونصفهم تقريبا يعيشون مشتتين حول العالم وخارج أرضهم حيث طردوا كل مطرد! ولكن من أجمل ما سمعت عنها حين يقول أبناؤها في حبها: كل الناس لهم وطن يعيشون فيه إلا نحن وطننا يعيش فينا!.
فهل استطاعوا بعد كل هذه العقود أن يجعلونا ننسى القدس أو فلسطين؟ لا أظن ذلك لأن جذورها ما زالت باقية في قلوبنا وعقولنا، نعم قد ننشغل ولكن لا ننسى وكيف ينسى العالم العربي والإسلامي قطعة من جسده.
من ناحية تاريخية ظل القدس الشريف في الأسر ما يقارب من 90 سنة وخلال تلك الفترة ذهب جيل كامل ليظهر جيل آخر لم يتعود على الهوان والضعف، فاستعادها القائد صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- ثم تنازل عنها أحد أبناء أخيه «ببلاش»!! للصليبين لمدة عشرة سنين ثم عادت إلى أحضان الأمة العربية والإسلامية، وها هي الآن تنتظر جيلها القادم.
إن البعض للأسف يقول بالعامية «أنا وش دخلني» أو هي مشكلة داخلية ومحلية كأنها قضية خاصة، بل هي تهمنا جميعا كعرب وكمسلمين، وإن لم يكن هذا ولا ذلك، فالعقل يقول كما جاء في المثل: أكلت يوم أكل الثور الأبيض. وللأسف أيضا أننا لم نتعلم من التاريخ والدروس، ففي الأندلس وفي القرن الثاني عشر تحديدا كان عدد الطوائف والدول 22 طائفة أو دولة وهو ما يساوي عدد الدول العربية اليوم! ثم تهاوت وانفرطت واحدة تلو الأخرى كحبات العقد.
والبعض الآخر يتذمر حتى من كثرة الكلام والتذكير عن فلسطين ويعده تنظيرا، والجواب ببساطة لا بد أن تبقى جذوة القضية دائما حاضرة ومشتعلة لا تنطفئ. وهل ننسى هذه القضية العظيمة لأننا محبطون أو عاجزون أو يائسون؟!. ولكن في المقابل سيظل الأمل دائما قائما، فقد جاء في الحديث «لا تزالُ طائفة من أمتي ظاهرين على الحقِ لعدوِهم قاهرين لا يضرُهم من خالفهم.....قالوا يا رسول الله وأين هم قال: ببيتِ المقدسِ وأكنافِ بيتِ المقدسِ».
وهناك درس بسيط وجلي ولكن تطبيقه يحتاج إلى تفكير بروح الجماعة، وتغليب المصلحة العامة على الخاصة فقد جاء في الحديث المشهور«ويد الله مع الجماعة». وبالإضافة إلى ذلك لابد أن تبقى تلك المفاهيم والمبادئ راسخة فينا جيلا بعد جيل، ولعل المصالحة الحالية بين الفلسطينيين تبشر بمستقبل أفضل حيث الاستشعار بالوحدة والجسد الواحد وأن المصلحة العامة فوق الخلاف لتصبح قوة ومنعة وهي مجتمعة، وقد قال الشاعر: تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا.. وإذا افترقن تكسرت آحادا.
ويعتقد البعض أن الكتابة عن قضية فلسطين هو معاد أو مكرر أو أسطوانة مشروخة! فها هي أشياء أقل أهمية وتفاهة تعاد وتطرح وتكرر في كل يوم وليلة على صفحات بعض من الصحف والمجلات ووسائل التواصل الاجتماعي، فأي القضيتين أحق بتكرار إن كنا نعقل؟!