DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

«فيه شيء غلط»

«فيه شيء غلط»

«فيه شيء غلط»
أخبار متعلقة
 
أكيد.. (فيه شيء غلط)، ففي الوقت الذي ينبري فيه الإعلام لمعالجة وترميم الكسور التي أصابت العلاقة بين ثنائية السنة والشيعة نتيجة عبث السياسات الإيرانية في المنطقة بإشعال الفتيل الطائفي، رغم عدم قناعتي الشخصية بأسلوب المعالجة لا في سيلفي ولا في غيره، لأن حجم التهشيم الذي انجزته إيران في هذا الصدد أكبر من كل هذه التناولات، ثم لأني أعتقد أن أي بحث في هذه الثنائية بمعزل عن غلافها الوطني والإنساني الذي يفترض أن يكون الإطار الرئيس للمعالجة، سيبقى عقيما وبلا أي نتيجة، هذا إلى جانب أن الحديث أو النقاش أو الحوار في المذاهب يُشبه في تقديري النفخ تحت النار أو إكرامها بمزيد من الوقود، إذ لم يسبق فيما أعلم أن أُطفىء مذهب في آخر حتى تحت وطأة السلاح. الإمام ابن حزم كان أكثر يقظة لهذه الإشكالية، فقد حدث في زمانه أن اختلف السنة والشيعة حول مَنْ الأفضل: أبو بكر أم عليّ بن أبي طالب؟ فقرروا الاحتكام إليه، فطرقوا عليه الباب ليلا فيما كان يستعد للنوم، وعندما فتح الباب سألوه مَنْ أفضل يا مولانا: ابو بكر أم عليّ؟.. فما كان منه إلا أن أجابهم على الفور: (أفضلهما مَنْ كانت ابنته تحته)! وأغلق الباب ومضى إلى منامه، في هذه الأثناء كان السنة يحتفلون ويقولون: إنه يقصد أبا بكر لأن ابنة أبي بكر «عائشة» تحت الرسول عليه الصلاة والسلام، وفي المقابل كان الشيعة يحتفلون أيضا ويقولون: إنه يعني عليا، لأن ابنة الرسول عليه الصلاة والسلام «فاطمة» تحت عليّ. ومن المؤكد أن الإمام لم يكن يُريد بلعبة الضمائر هذه أن يسترضي الطرفين، أو يمسك العصا من المنتصف، هذا ليس منهجه في الحق، ولا هو أيضا أراد أن يدوخهم بالرهان على نواياه، وإنما أراد الرجل - كما يُفهم من السياق الضمني لهذه الحكاية - أن يقول: إن هذه القضية لن تحسم لأن كل طرف سيظل يعتقد أنه هو مَنْ يحتكر الحقيقة، وهذه سمة كل المذهبيات. لكن، وبعيدا عن قصة ابن حزم أعتقد أن تذويب المذهبية داخل الإطارين الوطني والإنساني هو السبيل الوحيد لتفادي هذه الجدليات العقيمة، التي لن يكون من شأنها سوى زيادة الاحتقان، والسماح للقوى التي تتخذ من هذه الاختلافات مدخلا للتسلل إلى نسيجنا الوطني في محاولة زعزعته وتمزيقه، وبالمناسبة تعرض (MBC) برنامجا باسم الصدمة، هذا البرنامج يقوم على تمثيل موقف استفزازي أمام الناس في غير قطر عربي لقياس الحس الإنساني وحجم قيم «الفزعة» لدى أولئك، الذين يحدث المشهد أمام أعينهم، وطريقة تفاعلهم معه، والبرنامج رغم سوء توقيته لأنه يتعرض للقطع بأذان مكة المكرمة، إلا أني أجزم بأنه يقدم بردود أفعال الناس التلقائية الإجابة الأوفى بأن الروابط الوطنية والإنسانية أسمى وأعمق من كل الخلافات، وأن المعالجة يفترض أن تدخل من هذا الباب، لا من باب يزيد وعبدالزهرة، والتي لن تفضي إلا للمزيد من الريب والمتاهات.