DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

بين تلميذاتنا وماكينة الفشار

بين تلميذاتنا وماكينة الفشار

بين تلميذاتنا وماكينة الفشار
بداية نحمد الله على نعمه العظيمة ومن أعظمها نعمة الأمن والأمان ونعمة وجودنا في مجتمع محافظ ما زال وسيبقى بتوفيق الله تعالى محاطاً بسياج متين من عقيدته وتقاليده ومن حراس الفضيلة الذين لا تنكر جهودهم، إلى جانب مدارس تزرع الحشمة في نفوس الطالبات منذ نعومة أظفارهن. لفت نظري وأنا أراقب ماكينة الفشار في إحدى المقاهي أن بعض حبات الفشار تسخن سريعاً فتفرقع ومن ثم تخرج إلى أنبوب يصب في حاوية متسعة للتبريد ومن ثم التقديم بدون أن يحترق أو يتطاير بعيداً، وتذكرت الطريقة المنزلية القديمة التي كنا نفقد فيها جزءاً من الحبات لأننا كنا نغلق القدر على حبات الذرة فتفرقع وتعود مرة أخرى فيحترق جزء منها. ولا أدري كيف ربط ذهني بين المشهدين وبين المشهد اليومي لتدافع الصغيرات في الفصول وفي ساحات المدرسة وكثرة حالات الاعتداء فيما بينهن بالضرب وظاهرة السمنة المتفشية بينهن. سأتطرق إلى مشكلة باتت تؤرق الأسر وتشغل كل من عمل في سلك التعليم في ظل كثرة المشغلات وتقنيات التواصل التي فتحت البيوت بأبواب لا مرئية وعرًّت العورات وأثرت وما زالت تؤثر في المستوى التحصيلي للطلاب والطالبات. وسأخص بمقالي تلميذات المرحلة الابتدائية لأنها المرحلة الأهم والأكثر حيوية حيث ان فيها تتشكل الشخصية وتُكتسب فيها القيم الأساسية للفرد التي تجعل منه أحد اثنين: إما لبنة صالحة في بناء الوطن، أو رقماً زائداً لا يفيد إن لم يضر. من واقعنا المباشر فإن نسبة غير بسيطة من تلميذات المرحلة الابتدائية يعانين من البدانة ونسبة متزايدة تعاني من التشتت الذهني وضعف التركيز في مرحلة يفترض بأنها الأفضل في اكتساب المعارف والمهارات، ويفترض أن تشبع حاجتهن إلى الحركة والانطلاق بشكل مقنن لا ان نبحث عما يوقف حركة أجسادهن الفتية النامية فنجبرهن على البقاء في كرسي الفصل طوال ساعات اليوم الدراسي ثم يعدن إلى المنزل فنلقي إليهن بأجهزة الآيباد والبلايستيشن للركود ما بقي من اليوم، بينما يبقى الذهن مشدوداً متوتراً. بدليل ما نشاهده يومياً من مزاولتهن الركض العنيف الذي تنتج عنه الإصابات أو محاولات القفز من فوق الأشجار أو العراك بدافع إفراغ الطاقة فقط!،هذا عدا عما في هذه التقنيات من مخاطر تربوية وعَقَدية معلومة للجميع. إذا كانت بعض الأسر في مجتمعنا يصعب عليها تغيير نمط الحياة اليومي ونمط الغذاء المفرط والمكتظ بالنشويات والمواد الصناعية المسببة للبدانة وما يتبعها من أمراض، مع كم هائل من التسالي والحلويات التي يتناولها أبناؤنا وبناتنا في المدارس أو أثناء تصفح الانترنت أو ممارسة اللعب "الراكد" على الأجهزة الذكية وينتفخون أمام أعيننا يومياً كحبات الفشار، إذن فلا اقل من تطبيق برنامج شامل يبدأ من المدرسة لتغيير نمط حياة الصغار ومن ثَم الأسر فيما بعد، وألا ننتظر الأسرة لتبادر بالتغيير. سمعت من الصغيرات الكثير من أمنياتهن وكان أكثرها طموحاً هو إدراج حصة رياضة يومياً وأقلها هو السماح لهن بالمشي في الساحات في وقت الفراغ وأكدت بعضهن بأنهن لا يخرجن من المنزل إلا إلى المدرسة ولا تكاد تغادر إحداهن غرفتها، ولا أنسى ما ذكرته إحدى الصغيرات من أنها تفرح عندما تمرض ويأخذها أهلها إلى المستشفى للعلاج لأنها تخرج من المنزل! وبالاطلاع على مستواهن التحصيلي اتضح بأن هذه الفئة المكبوتة هن من أقل التلميذات حظاً في التحصيل الدراسي ومن اكثرهن فوضوية وعدوانية،وإهمالاً للتوجيهات،فكان لابد من توضيح مدى حاجتهن إلى الرياضة البدنية البناءة المساعدة على النمو الجسدي والتركيز الذهني. ولأننا لا نؤيد فكرة ممارسة الرياضة بشكل رسمي للمحظور الشرعي من تبديل التلميذة لملابسها في المدرسة، ولصعوبة استقطاع بعض الدقائق لمزاولة نوع من الرياضة الخفيفة في الطابور الصباحي اليومي فهناك رأي قد يكون فيه بديل مناسب ألا وهو إعطاء المجال للقطاع الخاص بإنشاء نوادي مسائية للفتيات بدوام قصير وذلك لكل حي سكني على أن تستقبل الفتيات في فترة عمرية محددة بمعنى أن تكون نوادي المرحلة الابتدائية منفصلة عن المرحلتين المتوسطة والثانوية، بحيث تشرف عليها كل من وزارة التربية ووزارة الشؤون الاجتماعية وتتقيد بالضوابط الشرعية، وتسلم إدارتها إلى الكفاءات النسائية الوطنية من العاملات في سلك التعليم أو حتى من التربويات المتقاعدات، بحيث تشترك تلميذة المدرسة في هذه النوادي سنوياً بمبلغ رمزي، ويلحق بكل نادٍ صالة وممشى لممارسة الرياضات المناسبة، ويمكن استغلال طاقات التلميذات حسب مواهبهن وقدراتهن في أنشطة المركز، وبهذا يتم امتصاص طاقتهن السلبية وتوجيه سلوكهن بعيداً عن الجو المدرسي الرسمي وعن أضرار أجهزة الاتصال أو متابعة البرامج التلفزيونية الهزيلة، وأن تقام في النوادي محاضرات تشرف عليها جهات حكومية مؤهلة، من أخصائيات تغذية وداعيات وغيرهن، وبهذا سننشئ جيلاً نشيطا اجتماعيا وبعيدا عن التشتت الذهني والبدانة.