أكد القيادي المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين ثروت الخرباوي أن المملكة هي أول دولة خليجية تصدت بقوة لتمدد أعضاء الجماعة بعد هروبهم من مصر. وأوضح في حواره مع «اليوم» أن المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود رفض إقامة أي تجمعات أو كيانات لهم داخل السعودية.
وقال: إن الشيخ زايد أدرك خطورتهم فجردهم من مناصب منحت لعدد منهم، في حين أضحوا شركاء لقطر في مؤامراتها مع التورط مع مخابرات اجنبية لإسقاط أنظمة عربية. وكشف الخرباوي الذي انفصل عن الإخوان عام 2002 عن الخريطة الجديدة لتحرك أعضاء وقيادات التنظيم الدولي بعد مقاطعة عدد من الدول العربية لقطر، إضافة إلى عدد من القضايا المهمة التي تشتعل بها المنطقة العربية.. فإلى نص الحوار.
* ما المحطة القادمة لجماعة الإخوان بعد أزمة قطر الأخيرة؟
قطر لم تكن المحطة الوحيدة للإخوان إذ توجد محطات محورية أخرى أهمها تركيا وبريطانيا، والدول الثلاث بمثابة الملاذ الآمن للتنظيم الإرهابي، وقد استبق الإخوان الأحداث وعجلوا بالرحيل من الدوحة بعدما شعروا باحتمال تغير الأوضاع السياسية ما سينعكس عليهم سلبا، كما سعوا بالظهور أمام أمير قطر تميم بن حمد بصورة أنهم يخففون عنه حدة ما تعانيه بلاده إثر دعمه المطلق لهم، لكن في الوقت ذاته توجد شخصيات حصلت على الجنسية القطرية مثل يوسف القرضاوي لن تبارح مواقعها إلا في حال الإطاحة بتميم، فلن يقبل الحاكم الجديد استمرار وجود القرضاوي وأعوانه من أفراد الجماعة. وبالنسبة لبقية الإخوان في قطر والذين يطلق عليهم «رفقاء التنظيم» هم عدة آلاف هرب أغلبهم من مصر بعد فض اعتصام رابعة، ثم استمر رحيلهم بكافة الطرق غير الشرعية، ورصدت لهم الحكومة القطرية مبالغ مالية حسب قيمة ومكانة كل منهم في الجماعة، وتراوح المبلغ ما بين 3 إلى 8 آلاف دولار شهريا، إضافة لإتاحة الفرص أمام عدد منهم بالكتابة في الصحف والظهور في القنوات الفضائية التي تمولها الحكومة القطرية في لندن واسطنبول، فضلا عن فرضهم بشكل لافت على خريطة قنوات «الجزيرة» بزعم أنهم خبراء في التحليل السياسي.
* وماذا أيضا؟ توجد مراكز بحثية لما يسمى بـ«الإسلام السياسي»، تركز على دراسة الجماعات والكيانات التي تتخذ من الدين ذريعة لفرض أفكارها وتوجهاتها، وتمنح أعضاء هذه المراكز مرتبات مجزية للترويج لأفكار الإخوان والجماعات الإرهابية المنضوية تحت لوائها، ويمكن ضرب رقم 5 آلاف دولار في المتوسط في نحو 10 آلاف إخواني في قطر يعملون في وظائف عدة لندرك حجم الإنفاق بسخاء وبذخ داخل قطر فقط على الإخوان.
* هل استقر موقع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية في اسطنبول؟
لا يمكن أن تفرط المخابرات البريطانية في احتضان المقر الرئيسي لجماعة الإخوان إذ تعتبره ورقة ضغط مهمة على بعض الدول العربية وتسعى من خلاله للتواجد بقوة في المنطقة العربية، واجتمع أعضاء التنظيم في لندن في نهاية الأسبوع الماضي وكان اجتماعا تجهيزيا وبعده بيومين عقدوا اجتماعا آخر في اسطنبول انتهى بوجوب التنبيه على أعضاء الجماعة بالرحيل من قطر مؤقتا لتخفيف الضغط على الأخيرة في ظل تورطها بالدعم الفاضح لهم وهو سيناريو مكرر لما حدث في 2014، ووافقت تركيا على استضافة القيادات الكبيرة فقط الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية وتطالب مصر بتسليمهم، فيما سيرحل البقية إلى لندن والمخابرات البريطانية تفسح لهم المجال للعمل في لندن خصوصا في المعهد الملكي البريطاني الذي يضم قيادات إخوانية منهم على سبيل المثال وليس الحصر مها عزام، كما يعمل عدد من أعضاء جماعة الإخوان في مؤسسات بحثية تابعة للمعهد ذاته، وماليزيا أيضا من الدول المرشحة لاستضافة أعضاء الجماعة إذ توجد بها أعداد كبيرة منهم، إضافة إلى جنوب إفريقيا التي كانت مستعمرة بريطانية وتدين بالولاء في سياستها الخارجية لبريطانيا لذا تعد مكانا آمنا للإخوان.
* لماذا تصر بريطانيا على دعم الإخوان في ظل ما تتعرض له من هجمات إرهابية؟
يجب أن نفرق بين المسار السياسي والمسار المخابراتي، في بريطانيا يبحثون عن مصلحة بلادهم الحالية والمستقبلية وما ستحققه في الخارج، وبالتالي لن تعلن لندن رسميا أنها ستستضيف عددا من أعضاء جماعة الإخوان الفارين من قطر ولم تعلن من قبل احتضانها للتنظيم الدولي للجماعة أو دعمها لهم، وإنما يتم حسم هذه القضايا بأسلوب مخابراتي نظرا لأن الوجود الإخواني يعد إحدى أوراقها المهمة للحفاظ على وجودها في قلب الأمة العربية التي تحولت حاليا إلى بؤرة مشتعلة ومحور لأحداث تحرك العالم. والحال ذاته لتركيا حيث لم يكن الظهور الإخواني هناك وليد اللحظة فهم مثل الورم السرطاني يتمدد وينتشر عن طريق تجنيد أشخاص تحت شعارات إسلامية براقة تدغدغ مشاعر البسطاء لكن حلمهم الحقيقي هو دولة الخلافة الإخوانية وليس «الإسلامية»؛ لذا يدخلون البلاد على أنهم جماعة دعوية وبعدما يحصلون على الثقة والأمان يبدأون في نشر أفكارهم التخريبية، برأيي أن موقف بريطانيا وتركيا الداعم للإخوان في إطار المصالح السياسية للدولتين ورغبة كل منهما في تحقيق هدف بعينه.
* ما حقيقة استغلال قطر والإخوان لإسقاط أنظمة عربية؟ وضعت المخابرات البريطانية مخططا لذلك في عام 1994 وعرضته على أمير قطر الشيخ خليفة، وعندما رفض أطاحت به على الفور واستبدلته بابنه حمد الذي وافق على تنفيذه ومن بعده تميم، ووضع أطره معهدا «تافستوك وتشاتام هاوس» المتخصصان في علوم البرمجة الذهنية وإدارة العقلية الجمعية للجماهير والشعوب وتحليل المعلومات وإعداد الأبحاث المتعلقة بالشرق الأوسط، وأسهم المعهدان من قبل في تهيئة الأجواء لثورة يناير 1979 الخومينية ضد الشاه رضا بهلوي، وفي إنشاء قناة «الجزيرة» وتعاونا مع القناة القطرية في مجالات التأثير على الجماهير وتحفيز الشعوب على الثورة على حكامها وهو ما حدث فيما أطلق عليه ثورات «الربيع العربي» التي جلبت الخراب للمنطقة العربية، لذا فإن ارتباط بريطانيا بالإخوان وقطر له جذور خصوصا أن المخابرات البريطانية هي الرائدة بالعالم في مجالات التجسس وإنشاء الأنظمة التابعة والموالية.
* هل تمدد الإخوان في دول الخليج وبات لهم تأثير؟
كان عبدالبديع صقر أول القيادات الإخوانية التي هربت من مصر إلى قطر ثم تبعه يوسف القرضاوي، واهتموا في الخمسينيات والستينيات ببناء المدارس والمعاهد الدينية لتوجيه العقول والسيطرة عليها وأسسوا أول مجلة قطرية في السبعينيات وكانت فكرتهم الأساسية تدور حول الإعلام والتعليم، وفي منتصف السبعينيات تشكل تنظيم الإخوان القطري بتخطيط من القرضاوي وعلي السالوس، وتم تشكيله بشكل رسمى وبموافقة أمير قطر، وبخلاف حضورهم الكثيف ودورهم المؤثر في قطر، تعد الكويت الدولة الثانية في الخليج التي توجد بها قوة إخوانية لا يستهان بها ويظهر ذلك من خلال مواقفهم في عدد من القضايا التي تشتعل بها المنطقة العربية، بينما الإمارات استطاعت أن تقلم أظافر المنتمين للجماعة بعدما تغلغلوا في المجتمع، وكان الشيخ زايد قد منحهم حقيبتي وزارتي التعليم والثقافة وقطعة أرض ليقيموا مقرا لهما، وبعدما اكتشف حقيقتهم، سحب الأرض وأقال الوزيرين، وكانت آخر قضية كبرى للإخوان في الإمارات تقديم عدد كبير منهم للمحاكمة بتهم الخيانة العظمى إذ أقسموا على الولاء للمرشد العام لجماعة الإخوان في تحد سافر لأنظمة وقوانين بلدهم.
أما السعودية فكانت أول دولة خليجية تصدت بحسم لتمدد الإخوان، إذ كان الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود منتبها لخطورتهم فلم يسمح لهم بإقامة أية تنظيمات أو كيانات أو تجمعات، ودخل الإخوان منطقة الخليج بزعم أنهم جماعة دعوية ومضطهدة في مصر وتعهد أعضاؤها بعدم ممارسة أية أنشطة سياسية لكنهم نقضوا هذه الوعود لأطماعهم الدائمة في الوصول للحكم في أية دولة يتمكنون منها.
* كيف ترى دور القرضاوي واتحاد علماء المسلمين في نشر الفكر الإخواني؟
القرضاوي هو المرشد الروحي للإخوان وله دور كبير في نشر أفكار جماعة الإخوان الإرهابية في العالم وليس المنطقة العربية فحسب، وما يطلق عليه «اتحاد علماء المسلمين» يضم بالفعل شخصيات غير إخوانية لكنهم داعمين للجماعة بغرض التمويه لعدم اتهام الاتحاد بأنه «بوق» للجماعة، لكنه في حقيقة الأمر أحد أذرعتها المهمة وبتمويل قطري من أجل التمدد، وتمكنوا في مصر من تأسيس جبهة وهيئة علماء الأزهر بهدف هدم دور الأزهر الشريف وفرض أفكارهم عن طريق بعض أعضائهم وسعوا إلى ذلك بقوة بعدما وصل إلى حكم مصر الرئيس الإخواني محمد مرسي، لكن تصدى لهم بقوة شيخ الأزهر أحمد الطيب. برأيي أن الهدف الرئيس من هذا الاتحاد أو غيره من الكيانات الإخوانية هو توجيه الشعور الديني لأغراض تهدف مصالحهم ومخططاتهم السياسية والدين هنا وسيلة لتحقيق هذه الأهداف.
* هل توجد علاقات بين جماعة الإخوان وإيران؟ كشفت جذور تعاون جماعة الإخوان مع إيران في كتاب «أئمة الشر» وهو يتطرق للعلاقة بين الإخوان وطهران منذ 1939، والتي تطورت بشكل كبير عندما أنشأ مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا مقرا للتقريب بين المذهبين السني والشيعي، وأحوز وثائق تثبت زيارة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران الخميني إلى مصر عام 1942 وإقامته لمدة أسبوعين في مقر جماعة الإخوان في منطقة الدرب الأحمر بالقاهرة، ثم تنظيم البنا لقاء للخميني مع كبار العلماء السنة في مصر. القيادي الإخواني المنشق ثروت الخرباوي يتحدث لـ «اليوم»
---------------
##ملاذات الإخوان
قطر لم تكن المحطة الوحيدة للإخوان إذ توجد محطات محورية أخرى أهمها تركيا وبريطانيا، والدول الثلاث بمثابة الملاذ الآمن للتنظيم الإرهابي، وقد استبق الإخوان الأحداث وعجلوا بالرحيل من الدوحة بعدما شعروا باحتمال تغير الأوضاع السياسية ما سينعكس عليهم سلبا، كما سعوا بالظهور أمام أميرها تميم بن حمد بصورة أنهم يخففون عنه حدة ما تعانيه بلاده إثر دعمه المطلق لهم، لكن في الوقت ذاته توجد شخصيات حصلت على الجنسية القطرية مثل يوسف القرضاوي لن تبارح مواقعها إلا في حال الإطاحة بتميم، فلن يقبل الحاكم الجديد استمرار وجود القرضاوي وأعوانه من أفراد الجماعة.
------
##تعاون قديم بين إيران وتنظيم الإخوان
قال ثروت الخرباوي إنه كشف جذور تعاون جماعة الإخوان مع إيران في كتابه «أئمة الشر» الذي يتطرق للعلاقة بين الإخوان وطهران منذ 1939 والتي تطورت بشكل كبير عندما أنشأ مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا مقرا للتقريب بين المذهبين السني والشيعي. مؤكدا حيازته وثائق تثبت زيارة المرشد الأعلى الإيراني الخميني إلى مصر عام 1942 وإقامته لمدة أسبوعين في مقر جماعة الإخوان في منطقة الدرب الأحمر بالقاهرة، ثم تنظيم البنا لقاء للخميني مع كبار العلماء السنة في مصر.
-----
##ثروت الخرباوي
محام مصري. أحد أعضاء نقابة المحامين.
بدأ حياته السياسية عضوًا في حزب الوفد.
انضم لجماعة الإخوان المسلمين ليصبح أحد قياداتها. ساهم في النجاحات التي حققتها الجماعة في نقابة المحامين.
اختلف مع الإخوان عقب حبس مختار نوح في قضية النقابات المهنية التي حوكم عدد من الإخوان بمقتضاها أمام المحكمة العسكرية عام 2000.
ترتب على خلاف الخرباوي مع الإخوان انشقاقه وانفصاله عنها عام 2002.
أصبح من أشد مهاجمي الجماعة بعد خروجه منها. ألف كتابين عن الإخوان أحدهما «قلب الإخوان» والثاني «سر المعبد». يكتب مقالات في العديد من الصحف المصرية ينتقد فيها المنهج الحركي للإخوان المسلمين.
له عدد من الأبحاث والدراسات. 
