«الدكتور فلان» وصف جميل يعطي صاحبه قيمة اجتماعية، ويهبك إحساسا لطيفا في كل مرة يقترن فيها اسمك بالدرجة العلمية التي تختصر عادة بحرف الدال، وفي السنوات القليلة الماضية حدث حراك ضخم في السعودية على المستوى الأكاديمي بفتح جامعات كثيرة وإرسال عشرات الآلاف من الطلاب للخارج؛ مما جعل أرحام جامعاتنا السعودية موعودة بولادات عديدة لأجنة "الدال" بخلاف المواليد الحقيقية التي أشرقت عليها الشمس، وبلا شك أن السعودية ستتأثر بشكل مباشر وغير مباشر بنتاج المشروع الضخم الذي كان يقف خلفه الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
هنا لا أريد الحديث عن المشروع بشكله العام، ولكني سأحاول تحريك سؤال كامن يخص كل طالب دكتوراة، والجزء الأول من هذا السؤال يقول: (ما النقلة التي ستصنعها في محيطك الأكاديمي؟)، فالكثيرون للأسف الشديد انتهى مشروعهم البحثي وإضافاتهم العلمية بعد وصولهم لمقعد التدريس بالجامعة، واكتفى ببحوث شكلية تمكنه من الترقيات، وكأن مهمة التطوير العلمي لهذا التخصص هي مهمة حصرية للأكاديميين الأجانب.
الجزء الثاني من سؤالي يقول: (هل سيُعترف بك كخبير متخصص؟)، فالكثيرون للأسف البالغ كان طموحه في إنهاء الدراسة والحصول على الشهادة يتفوق على طموحه بأن يعترف به كخبير متخصص في مجاله الدقيق، ولذلك تجد الكثير من حملة الدرجة العلمية يحاولون البحث عن الفرص العملية التي قد لا تتقاطع نهائياً مع مجال تخصصهم، وليس من يقبع في قاعة أكاديمية ويردد منهجا قديما على طلابه بأحسن حالاً؛ لأن روح "الخبير المتخصص" قد اغتيلت، وعندما تموت هذه الروح فستفقد البشرية بئراً قد تفيض منها مياه الإنجاز.
لا أريد أن أكون متشائماً وأنا أنقل لكم كلام بوب ديلان: (إن الكليات تشبه دور المسنين، ووجه الاختلاف بينهما أن مزيداً من الناس يموتون في الكليات)، ولكني أطلب منك أن تتأكد من أن الإنجاز الذي تقدمه يساوي كل هذا التعب الذي قمت به، وألّا يكون طموحك أن تقدم أطروحة دكتوراة لا يتجاوز قراؤها خمسة أشخاص.
أسطري الماضية هي محاولة تحريك أسئلة كامنة للخبير المتخصص أكثر من أنها توجيه انتقاد محسوم.