حزنت.. لوجود ملامح شابة مصدومة.. حضرت إلى البحرين.. بنشوةٍ نافرة.. لتشجيع المنتخب الوطني.. تحمل على أكتافها.. علمها السعودي.. تردّد هتاف الأمل.. كانت تنتظر الوفاء بالوعود.. الفاشلون كسروا تناغم الشباب.. حوَّلوه إلى حالة رثاء.. ودموع وقهر.. سادت غيمة الانكسار.. انتشر الإحباط.. تعالت التساؤلات.. تساءلوا عن صرف الملايين وإهدارها عبثًا.. وسوء تخطيط.. محصولها ثلاث نقاط مخجلة.. أغلى ثلاث نقاط رياضية في التاريخ البشري.. أطاحت بكل جماليات الرجولة.. والحماس.. والمسؤولية؟!
يتحقق الفوز بتراكم نجاحات صغيرة.. تتجمّع.. لتحقيق النجاح النهائي الأكبر.. هذا حصاد الأمل.. (العقل السليم في الجسم السليم).. عند البعض في عضلة بمفردها.. نجاحات هنا وهناك.. نتيجة عمل عضلة هنا وهناك.. تأثيرها محدود.. نجاحها مشروع انهيار وإن طال الزمن.. هكذا المنتخب.. الجسم الهزيل لا يتحمّل حتى تفاعل النجاح وتبعاته.. محصّلة قوى الجسم الهزيل فشل يعقبه آخر.. يهوي أيضًا بكل النجاحات السابقة.. وهذا حال المنتخب.
هزيمة المنتخب مؤشر لوضع وحالة المصالح الحكومية والمؤسسات.. والهيئات.. والشركات.. وحتى لمخابز (السندويتشات).. الإخفاقات تتفاقم.. القوة لا تتجزّأ.. الدول القوية ينافس لاعبوها على جزء من الثانية.. هناك أمثالهم ينافسون في كل مجال.. العالم في معمله.. والطبيب في عيادته.. والمعلم في مدرسته.. والفلاح في مزرعته.. إلخ.. يعملون بنجاح وإتقان.. إلى مَن تذهب الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية؟!... والى مَن تذهب الخسائر والهزائم؟!
العمل من أجل الشباب فلسفة ذات أبعاد.. البعض لا يعي ولا يفهم معنى وأبعاد هذه الفلسفة.. الشباب بحاجةٍ إلى مَن يفهمه.. وليس إلى مَن يُحبطه.. ويطارده، ويحاربه حتى في مزاجه.. يحنطون طموحاته وآماله.. خلق التحديات وتجاوزها.. والانتصار عليها.. من سمات الشباب.. في غيابها سيعمل الشباب على خلق تلك التحديات.. لينتصر عليها.الفشل يقوده نقص الجودة.. وسيادة الاجتهادات والخواطر والجهل.. هلاميات من (عبط) التصرّفات.. تتحرّك بشكل عشوائي.. ملّ الشباب (بنات وأولاد) مسلسلات الهزائم والخذلان والإحباطات.. المنتخب خذل الجميع.. ماذا يعني هذا؟!.. يعني أشياء لها أبعاد.. نادي الفتح.. الأول في الدوري.. ثم لا تجد لاعبًا واحدًا من هذا النادي في المنتخب.. ما نتاج المتردية والنطيحة؟!.. أموال يهدرونها في غير محلها.. يكذبون الكذبة ويصدّقونها.. فشل التقاعس يكشف زيف الأقنعة.. أين المساءلة؟!
العمل من أجل الشباب فلسفة ذات أبعاد.. البعض لا يعي ولا يفهم معنى وأبعاد هذه الفلسفة.. الشباب بحاجةٍ إلى مَن يفهمه.. وليس إلى مَن يُحبطه.. ويطارده.. ويحاربه حتى في مزاجه.. يحنطون طموحاته وآماله.. خلق التحديات وتجاوزها.. والانتصار عليها.. من سمات الشباب.. في غيابها سيعمل الشباب على خلق تلك التحديات.. لينتصر عليها.. حتى وإن كان فيها هلاكه.. خذوا (أحداث) الشباب في اليوم الوطني مثالًا على ذلك.
يتحدون الشباب في الأسواق والمتنزهات. والشوارع.. حتى لعبة الشطرنج منعوها.. لا نشاطات.. لا مسابقات.. حتى على الطرقات.. طارد ومطرود.. ماذا نسمّي فرض غرامة مرورية على استعمال (الفلاش) الخلفي للسيارة.. بهدف التنبيه عن سيارة ساهر؟!.. تحدٍّ.. عبط.. فشل.. فرض الغرامة شهادة على العجز.. ما هو الخطأ من التحذير؟!.. الغرامة تخدم مصالح آخرين.. هذا إحباط وقهر لا يختلف في نتائجه عن هزيمة المنتخب.. إعلان بفشل العقول.. إذا كان لديكم القدرة على وضع سيارة مرور بجانب كل سيارة لـ(ساهر) فما فائدة ساهر؟!.. نماذج للفشل الذي أتحدث عنه.
ماذا نقول عن العقول التي أوجدت التربية الوطنية؟!.. أصبحت منهجًا لا يختلف عن كتب الفيزياء والكيمياء.. عمل لا يختلف عن أداء المنتخب وفشله.. الوطنية لا تحتاج إلى حصة وكتاب لتدريسها للشباب.. تحتاج إلى المعلم القدوة.. لتعليم الوطنية من خلال تفاعل الطالب مع الأستاذ القدوة.. في المرحلة المتوسطة كان أستاذي عثمان الشاعر.. يقف فجأة.. ينحني.. يلتقط جزءًا من (طبشورة) على بلاط الفصل.. ثم يلقي ملاحظة عن أهميتها.. يتحدث عن تكلفتها.. ملامح التربية الوطنية تتجلى مع المعلم صاحب الرسالة.. أن تتحوّل وزارة التربية والتعليم إلى ضمان اجتماعي، فهذه النتائج على الشباب.
بطالة تجثم على القلوب.. ثم نجد بعض المسؤولين يخدمون مصالحهم.. يقولون ما لا يفعلون.. أسواق مركزية كبيرة.. لهم نصيب من ثرواتها.. نشروها بعرض البلد وطوله.. قضت على كل الانشطة الصغيرة لأسر كثيرة.. كانت تقيهم شرّ البطالة.. ثم يطالبون بتوظيف أبناء وبنات هذه الأسر (كاشير) في أسواقهم وسلسلة متاجرهم.. أليس هذا نوعًا من العبط والاستعباد؟!.. الكبير يأكل الصغير.. فشل آخر في وجه الشباب.
وهذه أكبر ميزانية في التاريخ السعودي.. يتساءل الشباب عن نتائجها وتأثيرها الإيجابي على مستوى معيشتهم.. كل النهايات تأتي في وضع لا يختلف عن وضع نتيجة المنتخب.. الشباب يريدون الحياة الأفضل.. حياة المسكن الأفضل.. الصحة الأفضل.. التعليم الأفضل.. الشوارع الأفضل.. الأنظمة الأفضل.. التصرّفات الأفضل.. المسؤول الأفضل.. العمل الأفضل.. وفي النّهاية.. العيش بكرامة وعزّة.. البائسون ينتجون البؤس حتى في وجود الإمكانيات.