DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

لماذا تفشل تجارب وبرامج الإصلاح فى عالمنا الإسلامي؟

لماذا تفشل تجارب وبرامج الإصلاح فى عالمنا الإسلامي؟

لماذا تفشل تجارب وبرامج الإصلاح فى عالمنا الإسلامي؟
لماذا تفشل تجارب وبرامج الإصلاح فى عالمنا الإسلامي؟
أخبار متعلقة
 
أكد مفكرون وعلماء دين أن الإصلاح المنشود كسبيل لنهضة العالم الإسلامى لابد أن يستند إلى إحداث إصلاح فكري وإعادة صياغة فكر وثقافة المجتمع نحو التقدم .وأشاروا إلى أن العالم الإسلامي أصبح بحاجة ماسة إلى إعادة ترتيب أوراقه في الوقت الراهن على أن يتجنب أخطاءه التي وقع فيها. وشدد العلماء والمفكرون على ضرورة إصلا ح المؤسسات التعليمية التي تتولى تعليم الأمة وتربية الأجيال.

منهج قرآنيمن جانبه يؤكد الدكتور محمد أبو ليلة أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر بالقاهرة : إن الإصلاح منهج قرآنى لعلاج الإفساد لقول الله تعالى:»ولاتفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها»، فالإصلاح من وجهة النظر الإسلامية إنما يكون بالتغيير إلى الأفضل. وتابع الدكتور أبو ليلة قائلا: وبالتالى كانت الحركات الاصلاحية هى الدعوات التى تحرك قطاعات من البشر لإصلاح ما فسد فى الميادين الاجتماعية المختلفة وإعادة صياغة فكر وثقافة المجتمع وفق الدعوة الاصلاحية، وبعد ذلك ينهض الانسان بتغيير الواقع والانتقال بالحياة الى درجة أرقى فى سلم التطور الانسانى، وإقامة النموذج الاصلاحى الجديد. ويقول الدكتور أبو ليلة متسائلا:هل عدم تجاح برامج الاصلاح والنهضة التى تبناها العالم الاسلامى جعلنا نفقد التأثير الحضاري كعالم إسلامي وفكر إسلامي وعربي؟. ويواصل الدكتور أبو ليلة حديثه قائلا: نعم لسنا عناصر تأثيرية في العالم، لأننا إذا لم نعترف بهذا ، ولم نحاول نأخذ زمام المبادرة ونتجه لتطبيق منهج الاسلام فى الاصلاح والقضاء على أسباب الفرقة والتشرذم فى العالم الاسلامى والقضاء على التخلف والفقر والاهتمام بالتعليم، لكن للأسف اصر المسلمون على أن يظلوا  هكذا على ماهم عليه فتخلوا عن أداء دورهم فى مسيرة الحضارة الإنسانية، نحن أطراف متأثرة دائما ومقلدة للغرب في كل شيء، ولا نسعى إلى إحداث إصلاح فكري داخل المجتمع يكون نابعاً من عقولنا وإنما نستجدي تجارب الآخرين والإصلاح إذا لم يكن نابعاً من داخلنا وثمرة من ثمار بلادنا لن يكون هناك إصلاح هذا لا يعني أن استغلق ولا يعني أن أسد النوافذ مع الغرب بالعكس، يجب أن ينفتح المسلمون على العالم الذى هم جزء منه يؤثرون فيه ويتأثرون به ، وأن يسلكوا سبل النهضة والاصلاح ، بحيث لم تكن النهضة مقصورة على الاصلاح الدينى وحده ولا الاصلاح السياسى وحده ولا على النهضة الاقتصادية وحدها ولا على النهضة العلمية وحدها، بل يجب ان تقوم برامج الاصلاح على نهضة شاملة لإصلاح واقع العالم الإسلامى.أوضاع محزنةأما المفكر الإسلامي، نائب رئيس المجلس القومي  لحقوق الإنسان الأسبق فى مصر، الدكتور أحمد كمال أبو المجد، فيرى أن الأوضاع الراهنة التي يشهدها عالمنا الاسلامى « محزنة « لأنه لم تكن هناك خطط وبرامج شاملة للاصلاح، وأن كل ما نشهده من تجارب للاصلاح والنهضة إنما هى محاولات تجرى على المستوى القطرى، وليس على مستوى الأمة . وأضاف أن معظم تجارب وبرامج الاصلاح فى عالمنا الاسلامى تبوء بالفشل، وذلك لأن المسلمين لم يهتموا ببناء أسس قوية للاصلاح الحقيقى تقوم القضاء على أسباب  الفساد والنزاع والفرقة والشقاق  وإحياء أواصر الاخوة والوحدة بين المسلمين فى العالم كله ، وهذا ما حذرنا منه القرآن في قوله تعالى: « ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم» , , والإصلاح لايتم بين يوم وليلة وكل عقلاء الأمة وخبرائها يعلمون ذلك علم اليقين، غير أن المجرب والمبتدئ لا يدرك ذلك. وتابع قائلا: ما يهمني هو التحديات التي تواجه الأمة, لا بد أن نفتح عيوننا أكثر على العالم ويستعمل المسلمون والعرب عقولهم ويكفي ما حدث من تعطيل للعقل على مدار سنوات مضت، ونعمل على نشر ثقافة التسامح والوحدة وليس النظر إلى الخلف، والأولوية الأولى لنا الآن هي توحيد كلمة الأمة فى إطار أدب الحوار, ومن المهم للجميع أن يدرك أهمية توحيد نسيج الأمة وتوحد الخطى والكف عن المبارزات الكلامية.  وأكد أبو المجد أنه يجب على العالم  الإسلامي إعادة ترتيب أوراقه في الوقت الراهن على أن يتجنب أخطاءه التي وقع فيها,كما أن تجميع صف القوى الوطنية على هدف واحد يصل بنا إلى بر الأمان، والأولوية الأولى لنا الآن هي توحيد كلمة الأمة فى إطار أدب الحوار, ومن المهم للجميع أن يدرك أهمية توحيد نسيج الأمة وتوحد الخطى والكف عن المبارزات الكلامية.وأكد أبو المجد أن العالم  الإسلامي عليه إعادة ترتيب أوراقه في الوقت الراهن على أن يتجنب أخطاءه التي وقع فيها خلال الحقب المختلفة.مرحلتانواختتم أبو المجد حديثه قائلا: إن الإصلاح له مرحلتان الأولى هي التنبيه والتذكير المستمر بأهميته, والثانية إصلاح المؤسسات التي تتولى تعليم الأمة وتربية الأجيال, فنحن نريد نظاما تعليميا يعلمنا الرشد ويعلمنا منهجية التفكير وجمع الشمل, وهناك عدوان من حولنا, الأول هو المشروع الصهيوني الذي يوشك أن يبتلع عالمنا العربي والإسلامي بتأييد من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ، والعدو الثاني هو استدامة التخلف الذي نزرعه كل يوم بأيدينا ونعيش الحياة في تواكل. الرغبة والقدرةومن جانبه يؤكد الدكتور محمد عمارة المفكر الاسلامى، وعضو مجمع البحوث الاسلامية بالازهر: ضرورة الالتزام بنموذج الإصلاح الذي يقوم على دعوة النبي شعيب عليه السلام في الدعوة القرآنية {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب} موضحا أن هذا النموذج يحدد عناصر لازمة وضرورية لعملية الإصلاح، أهمها الإرادة، والوسائل والأدوات والآليات، ثم الاستطاعة والتي تعني جهدا إنسانيا كبيرا ومتعاظما ومرتبطا بقضية الإصلاح من مبتدئه إلى ما شاء الله، ثم  توفيق الله بعد ذلك. ويواصل الدكتور عمارة حديثه قائلا: إن الحديث عن مستقبل الإصلاح وتجديد الفكر في العالم الإسلامي يعني وكأننا متخلفون في هذا المجال، وهذا ليس صحيحا، فنحن لدينا حسن تقدير لواقعنا وفكرنا ومنهجنا في مجال الإصلاح وتفسير نصوصنا الدينية، أما أن نتكلم كأن لدينا عيبا في أفكارنا فهذا غير مقبول، فالسياسة الأمريكية منذ 11 سبتمبر2011 وضعتنا تجاه ما صورته بمسألة فكرية, وهي ليست أزمة فكرية كما تدعي، وحين يريد المحتل احتلال بلد ما وبسط النفوذ عليه ولو بالعنف والقوة, يسعى لإقناع أهله بأن قيمهم بها عيب وأن عليهم إصلاح أنفسهم, وكأن مشكلتنا كعرب ومسلمين مع الغرب فكرية، هناك قتال وحرب في فلسطين وفي العراق وفي أفغانستان, ويصور المحتل أن أبناءه يقتلون لأسباب ثقافية وفكرية، ولكن الحقيقة أنها حرب سياسية وعسكرية من معتد يقتل المدنيين, والمعركة على أرضي وليست أرضه والقتلى هم أبنائي وليسوا أبناءه، ويريد العدو أن يحول اعتداءه كمسألة فكرية وليست عسكرية, كما حدث في حادثة دنشواي مع الانجليز على أرض مصر, لقد صيغت الواقعة على أننا نحن المصريين ضربناهم لأننا مسلمون وليس لأنهم محتلون، فمن سمات المعتدي وصف المعتدى عليه بعدم النضج, ليبرر لنفسه ما يفعله فيه.معوقاتويؤكد الدكتور عمارة : إن الإصلاح يعوقه مشكلة التجزئة والتقسيم في العالم الإسلامي, وعدد سكانه أكثر من مليار و600 مليون مسلم في 57 دولة أعضاء التضامن الإسلامي, هي نتاج مشاكل قرنين وليس بضع سنوات, فالأمة الإسلامية كانت أمة واحدة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم, ثم انقسمت إلى دولتين: العباسية والأموية, ثم انقسمت في العهد العثماني, ولم تكن محطمة كما نرى الآن, وأعتقد أنه ليس من الأولوية في الوقت الحالي تكوين وحدة إسلامية لمجموعة قوميات, فمن الصعوبة أن تتشكل حكومة يمكنها أن تدير مليارا وأكثر من نصف المليار مسلم, وكما قال الشيخان الجليلان: محمد رشيد رضا ومصطفى صبري أنه ليس من الضروري قيام دولة واحدة، ولكن التنائي والتكاثر لا يمنع أن تكون هذه الدول في ظل مرجعية شرعية تجمعهم، فلا تتحول المسألة لقوميات متنافرة مبعثرة، مرجعية تنبع من داخل الأمة وليست مفروضة عليها من الخارج.

التجربة السعودية .. عندما يستند الإصلاح على ثوابت الوطنشهدت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، في السنوات الأخيرة خطوات إصلاحية كثيرة تهدف إلى التنمية والتقدم في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكان آخر هذه الاصلاحات قرار الملك عبدالله بن عبدالعزيز منح المرأة حق المشاركة في انتخابات المجالس البلدية وحق الترشح فيها بداية من عام 2015. كما بدأت السلطات السعودية مطلع هذا العام تطبيق قانون يسمح للمرأة دون الرجل العمل في المحلات التجارية لبيع الالبسة الداخلية للنساء، وذلك لاتاحة المزيد من فرص العمل للنساء.

سرعة ووضوحوفي الجانب الاقتصادي اتسمت مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة منذ نشأتها على يد الملك عبدالعزيز آل سعود ـ رحمه الله ـ بالسرعة والوضوح، حيث كان الاقتصاد السعودي غير متصل بالاقتصاد العالمي، كما أن جهود التنمية في الماضي مقتصرة على الزراعة والمياه وبعض الطرق التي تربط بين بعض مراكز السكان المتباعدة وتوسيع الأماكن المقدسة، وكان الهدف من هذه الجهود يكمن في حل المشاكل القائمة ورفع مستوى معيشة المواطنين، أما اليوم وبعد اثنين وثمانين عاماً فقد استطاعت المملكة تحقيق تقدم عمراني ومادي عجزت العديد من الدول عن تحقيقه.   الجانب الاقتصادي بدأ يبرز بشكل واضح منذ عهد الملك فيصل مروراً بعهد الملك خالد ثم الملك فهد ـ رحمهم الله ـ حيث كان هناك اهتمام بالبنية التحتية والمصانع الكبيرة التي تعمل في المشتقات البترولية بحكم كون المملكة من أكبر الدول المصدرة للنفط مما أعطى قوة دفع لبناء اقتصاد جيد، إلا أن العقبة الكبرى أمام هذا الاقتصاد جاءت نتيجة لأزمة الخليج التي أوقفت العديد من الخطط التنموية، والجاري استكمالها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في جميع مدن المملكة ويلمسها كل من المواطن والمقيم على حد سواء، مما ساعد على رؤية مستقبلية أفضل للاقتصاد السعودي. تطور كبيرواكد عدد من السياسيين المصريين علي الجهود التي تبذلها المملكة في سبيل تحقيق التقدم والاصلاح ومساعداتها للدول العربية الفقيرة. حيث قال يونس مخيون أحد قيادات حزب النور السلفي: إن المملكة السعودية قد شهدت تطورا كبيرا في آخر سبع سنوات فهناك مشروعات اقتصادية واجتماعية وتعليمية عملاقة أدت إلى احتلال المملكة مرتية متقدمة في برنامج الأمم المتحدة، وتابع مخيون "تمكن خادم الحرمين الشريفين بحنكته ومهارته في القيادة من تعزيز دور المملكة في الشأنين الإقليمي والعالمي سياسياً واقتصادياً وتجارياً، وأصبح للمملكة وجود أعمق في المحافل الدولية، وفي صناعة القرار العالمي، وشكلت عنصر دفع قويا للصوت الإسلامي والعربي في دوائر الحوار العالمي على اختلاف منظماته وهيئاته ومؤسساته".انجازات اقتصاديةوقال أيمن أبو العلا القيادي بحزب المصري الديمقراطي، إنه قد تحقق للشعب السعودي  خلال السنوات الماضية عدد من الإنجازات المهمة، منها إنشاء عدد من المدن الاقتصادية، كمدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل، ومدينة جازان الاقتصادية، ومدينة المعرفة الاقتصادية بالمدينة المنورة، إلى جانب مركز الملك عبدالله المالي بمدينة الرياض، وكذلك تضاعف أعداد جامعات المملكة من ثماني جامعات إلى ما يقارب ثلاثين جامعة، وافتتاح الكليات والمعاهد التقنية والصحية وكليات تعليم البنات. وأضاف أبو العلا، إن المملكة تشهد  تطورا كبيرا على الصعيدين المحلي والدولي لحماية وتعزيز حقوق الإنسان. حيث وقعت المملكة مؤخراً مذكرة تفاهم وتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان لنشر ثقافة حقوق الإنسان في المملكة.تقدم صحيوأكد الدكتور محمود السيد الخبير الصحي أن المملكة السعودية تحتوي على عديد من المستشفيات والمدن الطبية ومراكز للرعاية الصحية وكل هذا ساعد في توفير حياة كريمة  للشعب السعودي، لأنه لا اصلاح ولا تنمية في ظل انعدام الرعاية الصحية المتكاملة والشاملة. دور كبير وقال أشرف ثابت وكيل مجلس الشعب السابق: إن للملك عبدالله دورا كبيرا في تحقيق الاصلاح في المملكة السعودية، حيث شهدت المملكة في آخر سبع سنوات انجازات هائلة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إلى جانب اهتمامه بمساعدة المسلمين في كل مكان سواء كانت مساعدات مادية أو معنوية.حقوق المرأةوأشار طارق الملط القيادي بحزب الوسط إلى أن للسعودية دورا فعالا في اعطاء المرأة حقوقها والوصول إلى أعلى المستويات فقد أولاها اهتمامه ورعايته بمشاركتها في الحياة السياسية وإعطائها الفرصة الكاملة للاسهام في بناء المجتمع لكي تصبح عضواً في مجلس الشورى وأن ترشح للانتخابات البلدية.

 

برامج الإصلاح في العالم العربي .. بين حاجة الداخل وضغوط الخارجمازال الالتباس يحيط بملف الإصلاح فى العالم العربى، فرغم أهميته والحاجة الداخلية الشديدة لتطبيق محدداته فإنه بات مرهونا بضغوط خارجية وضعت نوايا أطرافها فى خانة الشك وغياب المصداقية والعزف على وتر المصالح الخاصة بهذه الأطراف، ولدى انبثاق ثورات الربيع العربى خلال العامين المنصرمين دخل هذا الملف منطقة التعقيد فى ظل ما طرأ من معوقات - وربما تحديات - تحاول أن تفرض شروطها على نوعية واتجاه وملامح الإصلاح المطلوب فى محاولة للوقوف على أبعاد عملية الإصلاح فى العالم العربى بين حاجة الداخل وضغوط الخارج .. اليوم التقت بعدد من الخبراء الاستراتيجيين والسياسيين، وفيما يلى حصيلة هذه اللقاءات :

عملية شاملةفى البداية يقول الدكتور السفير عمر الحسن رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية : دعنا نتفق على أن المنطقة العربية في حاجة إلى عملية إصلاح شامل سياسي واقتصادي واجتماعي، من منطلق أن أغلب دولها عاشت لعقود طويلة في حالة ركود - ظنها البعض خطأً استقرارًا – وهذا الركود خلف تحته مشاكل فساد سياسي واقتصادي وظلم وتهميش لكثير من فئات المجتمع، وبالتالي والوضع هكذا ومع وجود جيل جديد من الشباب مطلع على ما يدور حوله في العالم من تغيير وتطور ( من خلال تكنولوجيا الاتصال والتواصل الحديثة ) بات الإصلاح مطلبًا ضروريًّا على الصعيد الداخلي لتغيير الأوضاع القائمة بكل مساوئها، وهو الأمر الذي استجاب له بعض الأنظمة كما حدث في المغرب وعمان ( رغم أن الإصلاحات لم تكن كافية من وجهة النظر الشعبية )، في حين تقاعست أنظمة أخرى في التجاوب مع مطالب التغيير والإصلاح، فما كان من الشعوب، إلا أنها تحركت كي تفرض إرادة التغيير بنفسها، وهو ما حدث في تونس ومصر تحديدًا، إذن التحرك من أجل التغيير والإصلاح في كثير من البلاد العربية كان استجابة لحاجة داخلية، ولم يكن استجابة لضغوط من الخارج، فالخارج والغرب تحديدًا معروف عنه مساندة أنظمة عُرفت باستبدادها ولم تتجاوب يومًا مع مطالب شعوبها بالإصلاح، وحتى لو تدخلت وضغطت على نظام ما لإدخال نوع من الإصلاح، فإن هذا التدخل أو الضغوط عادة تكون وراءها أهداف أخرى، وفي جميع الأحوال فإنه ليس من حق الخارج ممارسة ضغوط لإجبار نظام ما على الإصلاح والتغيير، لأن ذلك يعد من قبيل التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ولأن الإصلاح تفرضه إرادة الشعوب وليس أي شيء آخر.ثورات الربيع العربي* وأسأل الدكتور الحسن : هل تعتقد أن ثورات الربيع العربي التي وقعت في بعض البلدان ساهمت في تحقيق ما هو مطلوب من إصلاحات؟ أم أنها لم تنجح في ذلك؟ فأجاب : لا يمكن بحال من الأحوال القول: إن ثورات الربيع العربي نجحت في تحقيق ما هو مطلوب من إصلاح في جميع الدول التي قامت فيها، فالصحيح أنها نجحت في تحقيق إصلاح جزئي في بعض هذه الدول، فمصر على سبيل المثال بعد الإطاحة بالرئيس السابق "مبارك" ورموز نظامه كان من النتائج الإيجابية لثورتها أن صندوق الاقتراع أصبح هو الذي يقود مسيرة البلد، والحال نفسها بالنسبة لتونس، وما حدث في مصر وتونس يؤكد أن هذين البلدين يشهدان ربيعًا عربيًّا حقيقيًّا بعكس ما حدث في بقية الدول الأخرى، فالتغيير في ليبيا جاء بعد صراع دموي كانت كلمة الفصل فيه للتدخل العسكري من جانب قوات حلف الأطلنطي، ومثل هذا النوع من التغيير مرفوض لأنه لم يخلف وراءه سوى الصراعات. كما أن عملية التغيير في اليمن مازالت منقوصة ولم تتضح لها بعد معالم واضحة. أما ما يحدث في سوريا فليس سوى عملية قتل لشعب يسعى لفرض إرادة التغيير في مواجهة نظام دموي، بينما المجتمع الدولي يكتفي بالتفرج، والدول العربية صامتة أو "عاجزة" عن فعل أي شيء لإنقاذ هذا الشعب. الإصلاح فى دول التعاون وعن رؤيته حول مدى حاجة دول مجلس التعاون الخليجي إلى تبني مشروعات إصلاحية تحافظ على خصوصيتها وتنسجم مع متطلبات التغيير التي تسود المنطقة والعالم يقول الحسن : لن يكون من قبيل المبالغة لو قلنا : إن دول الخليج العربية تعيش في حالة ربيع عربي منذ استقلالها قبل خمسة عقود بالنسبة للبعض وأربعة عقود بالنسبة للبعض الآخر، فهذه الدول نجحت أنظمتها في قيادة برامج تنموية ناجحة انتقلت بمجتمعاتها من مجتمعات بدوية، حيث لا مدارس ولا مستشفيات ولا خدمات أساسية إلى مجتمعات حديثة تنعم بمستويات معيشية مرتفعة وبخدمات أكثر تميزًا على مستوى التعليم والصحة والسكن لجميع مواطنيها، وإذا كانت كل دول الخليج العربية قد حققت نفس الطفرات على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، فإنه يجب أن نعترف بأنها على الصعيد السياسي عكست تجارب متباينة، فالكويت مثلاً تتمتع بتجربة ديمقراطية لها تميزها في المنطقة، ومملكة البحرين منذ بدء مشروعها الإصلاحي عام 2001 وهي تعيش تجربة إصلاح سياسي وديمقراطي تدريجية ومستمرة دون سقف محدد. أما السعودية فرغم أن الوضع فيها يبدو مختلفًا؛ بسبب خصوصيتها الثقافية والدينية، كدولة محافظة تستمد قوانينها من الشريعة الإسلامية، ما انعكس على طبيعة مجتمعها الذي تتراوح اتجاهاته وتتباين بدرجة كبيرة، فقد تمكنت من تنفيذ العديد من الإصلاحات والخطوات الجادة لدفع مسيرة الإصلاح الديمقراطي، بفضل حرص الدولة على تحقيق التوازن بين الاعتبارات الدينية والثقافية والاعتبارات السياسية، بما يخدم رؤيتها الخاصة للإصلاح الذي يحقق مصلحة المجتمع السعودي ويحافظ على قيمه وتقاليده، أيضًا هناك توجهات وبرامج إصلاحية في عُمان والإمارات وقطر وجميعها تصب في خانة توسيع القاعدة الانتخابية وتعزيز دور المجالس النيابية، فضلاً عن الاهتمام بحقوق الإنسان وتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة وصيانة حقوقها.استجابة لمطالب الداخلوحسب رؤية الدكتور يسرى العزباوى الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية فإن الإصلاحات المطلوبة فى المنطقة تنبع من المتطلبات والاحتياجات الداخلية فقط وليست استجابة حتمية للضغوط الخارجية، فعلى سبيل المثال فى الفترة الأخيرة من حكم الكثير من الحكام والملوك العرب لا توجد خطوط فاصلة وواضحة بين الدولة والسلطة القائمة، فهذه الخطوط الفاصلة غائبة تماما فأين المساواة بين المواطنين والمشاركة السياسية، والمجتمع المدني الفاعل من خارج أجهزة السلطة، والأحزاب السياسية الفاعلة، والتداول السلمى للسلطة، ومشاركة الشباب فى الحكم؟ كل هذه الأمور هى التي أدت إلى نشأة ثورات الربيع العربي، التى لم تنتهى حتى هذه اللحظات، بل على العكس هناك الكثير من الدول المرشحة للدخول فى هذه الموجة من التحول الديمقراطى فى العالم العربي. وعن حق الخارج فى أن يمارس بعض الضغوطات للمطالبة بإجراءات التحول الديمقراطي فى الوطن العربية، يمكن القول: إنه ليس من حقها على الإطلاق ولكن إذا لم يبادر القادة والمسئولين العرب عن إجراء الحد الأدنى من حقوق الإنسان والمواطنة، فلا مانع من الضغوطات الخارجية فى أضيق الحدود، خاصة أن العرب لا يعيشون فى هذا الكواكب منفردين، وأصبحت مشاكلهم الداخلية تصدر للخارج الأجنبى، منها على سبيل المثال مشكلة الهجرة من بعض الأوطان العربية - مصر على سبيل المثال - إلى الدول الأوروبية، وأيضًا مشكلة الإرهاب والخلايا العنقودية التى تنشط وتترعرع فى أغلب الدول الإسلامية الفاشلة اقتصاديا واجتماعياً، وتقوم تحت مسمى "الجهاد فى سبيل الله" مصالح هذه القوى فى المنطقة.أزمة الدولة* وأسأل الدكتور العزباوى الى أى مدى تصل حاجة دول مجلس التعاون الخليجى الى تبنى مشروعات إصلاحية تحافظ على خصوصيتها وتنسجم مع متطلبات التغيير التى تسود المنطقة والعالم ؟ يجيب : فى الواقع تحتاج دول مجلس التعاون إلى الكثير من الإصلاحات السياسية والاجتماعية، لأن أزمة الدولة في البلدان العربية لا تقتصر أسبابها على "غياب مسألتين رئيسيتين : غياب الديمقراطية وما يسمى "أزمة الحكم الرشيد، بل هي تعبر عن مشكلات عميقة في علاقة السلطة مع جميع فئات المجتمع، والمسؤولية ليست محصورة في السلطة بل إن جميع قوى المجتمع تتحمل المسؤولية"، وهذا ما يحتاج إليه بلدان الخليج العربى، خاصة أن خصائص البيئة السياسية الدولية الراهنة هى  بيئة دولية متحولة من نظام دولي تتحكم به القوى العظمى الوحيدة حالياً (أمريكا)، إلى هيكل مستقبلي يتسم بالتعددية القطبية أو اللاقطبية، وقد برزت قوى دولية جديدة (الاتحاد الأوروبي، الصين، الهند). وأيضا بيئة دولية متجددة من خلال بروز ارهاصات حركة التحرر الوطني العالمي ووجود قيود على استخدام القوة العسكرية (العراق، لبنان) وبدء التحول في المجموعات الدولية المختلفة من سياسات "الليبرالية الجديدة" "المسماة الرأسمالية المتوحشة" إلى سياسات التدخل النشط للدولة في الميدان الاقتصادي والاجتماعي، ومن ثم على دول مجلس التعاون أن تستثمر هذه البيئة فى إجراء إصلاحات سياسية واجتماعية تتناسب مع الأوضاع الخاصة للدول مجلس التعاون الخليج.

كيف ينظر المواطن العربي لإصلاحات «الربيع»؟كانت ولا تزال قضية "الإصلاح" أهم ما يشغل بال المواطن العربي، طيلة سنوات عديدة وظل المواطن أسير دول العالم الثالث، التي تعاني سلبيات عديدة، وقامت ثورات ببلاد وأخرى استقرت، وجاءت برؤساء حملوا معهم طموحات الإصلاح، ولكن السؤال الذى يطرح نفسه، كيف ينظر الشارع العربي لإصلاحات الربيع؟ وهل هناك دول غربية تسعى لزعزعة استقرارها بداعي الإصلاح؟ (اليوم) استطلعت آراء الشارع العربي..إصلاح كاذب"دعوات الإصلاح في سوريا وعود زائفة"، هكذا أشار حسام الشمالي، سوري مقيم بالمملكة، مضيفاً أن الثورة السورية وجدت مماطلة من جانب النظام بدعوات الإصلاح الوهمية، فى الوقت ذاته تمثل الإصلاح في قتل وارتكاب جرائم وكذاب على الشعب. ويعتقد حسام الذى يعمل مصمم جرافيك، أن دعوات الإصلاح فى سوريا بمثابة رهان لكسب الوقت وإطالة عمر النظام. قائلاً "كلنا مع الإصلاح ولكن بدون هذا النظام". وأشار المواطن السورى ذو الـ 25 عاماً، الى أن دعوات الدول التى تؤيد إيران أننا نمر بمرحلة إصلاح واسعة كاذبة، ومثلما لم تتخل أمريكا عن إسرائيل مهما حدث، فإيران لن تتخلى عن سوريا مهما ارتكب من مجازر تحت مسمى "إصلاح".مصالح غربيةوأشار علم الدين صادق، مراسل تليفزيوني فلسطيني بالقاهرة، الى أنه عندما انطلقت الثورات العربية فى دول الربيع العربي، كانت بمثابة ثورات شعبية انتفضت من أجل استعادة كرامة مواطنيها، وامريكا وإسرائيل أيقنت تماماً انها خسرت حلفاءها فى هذه الدول، وما كان على الغرب سوى أن يتبنى هذه الثورات حتى لا يخسر مصالحه فى الشرق الأوسط، بعدها ايقنوا تماماً ان ثورات الشعوب لا يمكن إيقافها، لذلك ادعت إسرائيل وأمريكا القيام بإصلاحات فى الشرق الأوسط لتحافظ على مصالحها وليس إيماناً بالإصلاح. لان الديمقراطية معدومة لديهم. فنحن نرى القتل والدمار كل يوم فى فلسطين ومع ذلك لا يوجد لقيم الإصلاح والحفاظ على كرامتهم سبيل. قائلاً "أنا على ثقة تامة بأن كل الاصلاحات فى دول الربيع العربي التى تتبناها امريكا واسرائيل هي اصلاحات هشة من أجل الحفاظ على مصالحها فقط".مشاكل ونزاعات"لم أر أي تقدم ملحوظ بالعالم العربي"، هكذا يقول عبدالله سعيد، مهندس كهرباء سعودي، مضيفاً أن كثرة المشاكل والنزاعات فى الدول العربية أهدرت دماء من قام بالثورات، ويشير عبدالله الى ان هناك تدخلا من جانب دول غربية فى الدول العربية بداعى الإصلاح ولكن ماذا يجدى الإصلاح والدول فى مشاكل ونزاعات. قائلاً ان الدول الغربية تبحث عن مصالحها وليس عن هموم الشعوب الأخرى، أما عن المملكة العربية السعودية، فهناك خطوات إصلاحات جادة ولكن الدولة بحاجة إلى تفعيل دور الرقابة ومحاسبة المسؤولين حتى تحدث طفرة حقيقية داخل ارجاء المملكة.رؤوس الفسادوترى خديجة قاسم، مواطنة تونسية، أن ما شهدته تونس يعتبر انتفاضة وليس ثورة بالمعنى الكامل، الأمر الذى أتاح للحاكم الهروب ولم تتح إصلاحات واسعة فى البلاد، جاء بحكومة جديدة نهضاوية لم تحاول أن تقلع رؤوس الفساد فى البلاد، والحال ذاته ينطبق على القطاع الاقتصادى الذى كان لابد أن يتطهر ويتم محاسبة مصادر الفساد بشكل اوسع من ذلك، وأضافت خديجة أن المديرين العاملين الذين كانوا يعيثون فساداً فى الماضي مازالوا مستمرين فى مناصبهم ونتائجهم المخزية مازالت موجودة. وأشارت الى أن الثورة التونسية ليست مسحا على الجروح بل وضع المطهر الحارق لقتل كل الجراثيم. وقالت خديجة، إن بعد الثورة التونسية أصبح المواطن البسيط يتحدث عن أمور سياسية كانت مسلوبة فى الماضي وشعر انه امتلك الحرية ولكنها ليست حرية بل حقه الذي سلب طيلة سنوات كثيرة، وأيضاً تونس أصبحت تشهد أحزابا كثيرة وتنافس ولكن لا أحد يتنافس فى كيف يحسن الاقتصاد وسبل المعيشة. وأبدت إعجابها بثورة ليبيا قائلة إنها حرب وانقلاب على كل فساد ولابد من التمهل لجنى ثمارها.تغييرات طفيفة"ما تشهده مصر لا يمكن أن نقول عليه إصلاحات بل فقط تغييرات طفيفة"، هكذا يشير محمود نور الدين، مواطن مصرى، مضيفاً ان الرئيس المصرى قد وعدد أن اول مائة يوم فى عهده سوف يغير فيها سياسات كثيرة ويحدث تغييرات جذرية فى الواقع المصرى، قائلاً "للأسف كل ذلك كان وعودا لم تتحقق وعجزت الحكومة المصرية أن تترجمها على أرض الواقع"، وقال محمود إنه انتخب الرئيس مرسي لوعوده بتوفير فرص عمل للشباب ولكن للاسف الشباب مازالوا يغرقون فى البحر ولم يساعدهم أحد، متمنياً أن تشهد الفترة القادمة إصلاحات حقيقية وتعود مصر رائدة فى الاقتصاد العالمي كما كانت فى القدم.إصلاحات زائفةوفي ذات السياق، قال محمد ملوك، مُدون مغربي، ان جميع المجالات فى المغرب لم تشهد أى إصلاحات حقيقية، من السياسة إلى الاقتصاد، ومن التعليم إلى الإعلام، ومن الصحة إلى المعيشة والمعاشات، ومن الألف إلى الياء. ويتساءل ملوك عن الرخاء الاقتصادي الذي وعد به حزب العدالة والتنمية ومعه الحكومة الشعب، وعن سر تحول توقعات الحكومة المرتبطة بمعدل النمو وانخفاضه من 7 في المائة إلى 5،5 في المائة، ثم إلى 5،4 في المائة. مضيفاً أن الأسعار ما زالت فى ارتفاع متواصل.