DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الدليل الاستراتيجي في تطوير الشخصية وبناء الذات

الدليل الاستراتيجي في تطوير الشخصية وبناء الذات

الدليل الاستراتيجي في تطوير الشخصية وبناء الذات
الدليل الاستراتيجي في تطوير الشخصية وبناء الذات
أخبار متعلقة
 
في عصر تسارعت فيه خطا كل شيء، بدءاً بالتطور الصناعي وانتهاءً بالنمو الشخصي الذاتي، كان لزاماً على الناس تطوير أنفسهم بناء على معطيات العصر الذي نعيش فيه. فلم يعد الأمي في هذا العصر من لا يقرأ ولا يكتب، بل الأمي هو الذي لا يستطيع التعاطي مع التقنية الحديثة التي باتت تملأ الأرض شرقاً غرباً، وبتنا محكومين بها وبقراراتها في بعض الأحيان، في ظل هذه العولمة والثورة التقنية الهائلة، يتحتم على كل شخص يريد أن يتبوأ مقعداً مع المثقفين الذين أثبتوا ذاتهم أن يخطط لتطوير شخصيته وصقلها، ليستطيع التماشي مع معطيات عصرنا الحاضر. يقول المؤلف في الغلاف الخلفي للكتاب : «وقد تعددت الكتب الأجنبية المترجمة إلى اللغة العربية التي تتناول تطوير الشخصية وبناء الذات. وقد ساهمت تلك الكتب في مساعدة الكثير من الناس في تطوير شخصياتهم وبناء ذاتهم، لكن تلك الكتب لم تستطع أن تغوص في أعماق المواطن العربي، وأن تتماشى مع أفكاره وتوجهاته وعاداته وتقاليده لاختلاف ثقافة مؤلفيها عن ثقافتنا العربية والإسلامية، ما استوجب أن يكون هناك مرادف يحقق ما لم تستطع تلك الكتب الأجنبية تحقيقه. إن معرفتك بمن أنت، ذلك الهدف الأسمى يستوجب العمل وفق استراتيجيات معرفية وسلوكية مقننة، وطريقك لتحقيق ذلك الهدف يبدأ من هذا الكتاب، واعلم أن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة، فلتخط الآن الخطوة الأولى لتعرف (من أنت)؟». ومن هذا المنطلق، ومن هذه القناعة نضع بين يديك ــ عزيزي القارئ ــ كتاباً يعتبر الكتاب السعودي الأول في تطوير الشخصية وبناء الذات، للدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الصبيحي، مبيناً أن فكرة الكتاب راودته حين نشر مقالاً بعنوان «من أنت؟» في صحيفة الرياض، اتصل بعده أحد أصدقائه ليطرح عليه فكرة تأليف كتاب بهذا العنوان، حينها جمع ما لديه من مواضيع ومواد وأضاف عليها ليخرج لنا بهذا الكتاب، مهدياً الكتاب وشاكراً لمعالي الدكتور ناصر بن إبراهيم الرشيد. وقع الكتاب في مائتين وعشر صفحات، جاءت طباعته بالحجم المتوسط، تناول فيه الدكتور الصبيحي عناوين كثيرة كلها تصب في تطوير الشخصية وبناء الذات، ولنستعرض ما جاء في الكتاب علنا ننقل تصوراً لما تناوله الدكتور. يبدأ الصبيحي كتابه بجملة : «أنت يا من عقدت العزم على أن تعرف من أنت لقد حان وقت التغيير»، ثم يبدأ طرح قواعد تطوير الذات وبناء الشخصية، حيث عنون القاعدة الأولى بعنوان» أخرج من الصندوق» حيث يؤكد الصبيحي ضمن هذا العنوان على ضرورة خروج الفرد من روتين حياته اليومي الذي يعيشه، حيث إن لكل شخص صندوقا وهميا يعيش فيه حياته، مبيناً أن الخروج من الصندوق الوهمي هذا يتطلب التوقف عن ممارسة نشاطات متعددة ويومية واستبدالها بممارسات جديدة تقضي على روتين الحياة الذي يعيشه الفرد، على أن تكون الممارسات الجديدة ذات فائدة وأن تصب في المصلحة الشخصية دون المساس بحقوق الآخرين. كما يجب تعديل وتطوير الممارسات الإيجابية السابقة دون إلغائها، وإجراء تغييرات في نمط وطريقة التفكير، بحث يكون التفكير إيجابيا بعيداً عن السلبية، ويجب أن يكون تفكيرك هو التغيير في كل صغيرة وكبيرة في حياتك في حدود تحقيق المصلحة الشخصية مع مراعاة مصالح الآخرين، وستكشف خلال مدة وجيزة كيف أنك كنت تمارس دون وعي بعض السلوكيات التي يوجد ما هو أفضل منها، هذا الاكتشاف سيسوقك إلى أن تعرف من أنت. كما يؤكد الدكتور الصبيحي أن «حياة الإنسان كموج البحر» وتنطلق هذه الإستراتيجية من حقيقة ثابتة هي أن حياة الإنسان تتأرجح بين ساعات أو أيام أو أسابيع تكون فيها سعيداً دون سبب محدد، تلي تلك الأيام السعيدة أيام تشعر فيها بالضيق والحزن دون سبب محدد، وعليه يجب عليك أن تعيش أيام سعادتك بفرح ومرح دون أن تفكر فيما سيواجهك خلال الأيام المقبلة، فإذا جاءت أيام حزنك فإنك يجب أن تبادر الى تذكر أن حياتك تتأرجح بين السعادة والحزن وأن هذا الحزن إنما هو لفترة مؤقتة ولا يلبث أن يزول وتعقبه السعادة. في حين أن الوقوف أمام المرآة مفيد جداً من الناحية النفسية، حيث يؤكد الصبيحي أن الوقوف أمام المرآة على الأقل لمرة واحدة يومياً والتمعن في أعضاء الجسم وامتداحها وشكر الله تعالى على النعمة، والحديث مع النفس بجمال كل شيء في الجسم، تعطي قناعة وثقة في النفس ورضا عن كل جزء في جسمك، وتربط الروح بالجسم، لكن يجب أن يكون ذلك بدون إسراف كما هي العادة عند النساء حيث يتصيدن أي منظر غير جميل في الشكل ليستغرقن في التفكير السلبي حول ذلك الجزء غير المرغوب فيه، وثلاث دقائق يومياً كافية لهذه الممارسة مع التركيز على كل إيجابية في الجسم. ومن المهم التغيير في المظهر الخارجي، وعدم التمسك بمقولة : إن التغيير في المظهر الخارجي خطأ، وهو كثيراً ما يحصل عند الرجال، بينما النساء يسعين دائماً للتغيير والجديد والمبتكر ، ومع ذلك فإن المرأة عادة ما تتمسك بنقاط معينة في مظهرها الخارجي تسبب نفور الأزواج منهن بحجة عدم اهتمامهن بالتغيير والتجمل لهم، وعليه فإن الدكتور الصبيحي ينصح بالتغيير في الشكل والمظهر الخارجي بحيث لا تملكك الشخصية بل أنت تملكها، حتى وإن واجهك بعض مواقف الاستغراب من البعض، وبهذا تكون قد كونت قاعدة واسعة من نظرة الناس إليك بشكلك الجديد، مع مراعاة عدم تجاوز حدود العرف واللباقة في ملبسك فتظهر بمظهر مزر أو غريب يستنكره المجتمع وبالتالي تكون منبوذاً من المجتمع. كما يؤكد الدكتور الصبيحي أن الأفعال أبلغ من الأقوال. فبعض الناس لهم في كل قضية رأي وحين يكون الحديث عن التطلعات المستقبلية تجدهم أكثر الموجودين حديثاً عما سيقومون به من أعمال ومشاريع وبمجرد عودتهم للمنزل تتبخر كل تلك العزائم والهمم وهكذا تسير حياتهم دون إنجازات تذكر، مؤكداً أن التوازن بين القول والفعل يحقق التوازن في الشخصية والمصداقية أمام الناس وأمام نفسك، وتزداد الثقة، ويجب أن تأخذ على نفسك عهداً بألا تتكلم إلا بما تستطيع تحقيقه وإنجازه، مع وجوب معرفة قدراتك وإمكاناتك وظروفك البيئية والمادية على إنجاز أهدافك. وإن أردت معرفة من أنت يجب عليك تدوين نقد الآخرين لك، فهي خير معين على فهم نفسك، بهدف دراسة تلك الانتقادات وتحليلها والحديث مع نفسك عن مدى صدقها من عدمه، للوقوف على عشرات المؤشرات على شخصيتك الحقيقية كما يراها الناس وليس كما تراها أنت. ويستطرد الدكتور الصبيحي في تعداده قواعد تطوير الذات فيؤكد أن السعادة في البساطة. فالبساطة في العيش أمر جميل يحقق السعادة وفهم النفس. فالتكنولوجيا ووسائل الاتصال والاختراعات المختلفة وجدت لتسهيل حياتنا، بينما هي الآن تعقد حياتنا فهي تحتاج منا الى وقت لتعلم كيفية عملها وحفظها وصيانتها فأصبحت هماً في حد ذاتها، فإذا كنت من أولئك الأشخاص الذين يسعون إلى امتلاك كل ما هو جديد على أمل الراحة والاستمتاع فإن الوقت قد حان لتزيح عنك الكثير من الهموم والأشغال، فتأكد من أنه كلما كانت حياتك أبسط كان لديك الوقت لمعرفة نفسك أكثر، مؤكداً أن البساطة هي السبيل إلى معرفة النفس والتفكير فيها والتبصر في أحوال النفس فكلما كانت وتيرة حياتك بسيطة استطعت أن تعود إلى نفسك أكثر. كما أن الغذاء يؤثر على نفسية الإنسان بشكل مباشر. فالشعور بالسعادة والراحة والانسجام النفسي والاجتماعي تتم من خلال تفاعلات كيميائية في العقل تحددها نوعية الأكل وكميته، وعليه يجب عليك معرفة نوع الطعام المناسب لك، حيث إن إدمان أنواع محددة من الأطعمة قد يكون سبباً في كثير من المواقف الضاغطة التي تصيبك بالهزال وعدم القدرة على تحقيق الإنجازات ما يترتب عليه عدم رضاك عن نفسك وتفقد على إثرها الإلمام بجوانب شخصيتك. ولتوسيع الأفق وتنويع مصادر المعرفة والإطلاع المستمر على كل جديد في مجالات الحياة كافة من خلال الإطلاع على الصحف والدخول للانترنت وتكوين العلاقات الاجتماعية والتعرف على وجهات نظر الآخرين. فمعرفة نفسك تمام المعرفة لا تكون إلا حين يكون لديك الكثير من المعلومات والمعارف التي تجهلها. فسعة الأفق تبعدك عن حدودك الزمانية والمكانية والفكرية التي تقف بك عند حد معين من اتخاذ التفكير، وعليه يجب عليك أن تضع ضمن أولوياتك أن تكون واسع الأفق دائم الإطلاع دون حدود زمانية أو فكرية أو مكانية. كما يجب عليك أن تتعلم شيئاً من كل شيء، أي أن تعرف ضروريات الحياة وتتعلمها لتكون حاضراً في كل الحوارات والمحافل ومشاركاً فاعلاً فيها، مع وجوب تجنب المشكلات، ولا يعني هذا التنازل عن حقك للآخرين، حيث إن عقلك حين يكون مشغولاً بقضايا عدة في آن واحد خاصة حين يكون بعض تلك القضايا مزعجا فإن عقلك في هذه الحالة يغفل كثيراً من احتياجاتك وعن تفرغك نحو تطوير شخصيتك وبناء ذاتك وإنجاز أعمالك. كما يجب أن تقتنع بأنك عبارة عن عدة كيانات في جسم واحد. فهناك النفس والجسم والشخصية الاعتبارية التي تظهر بها أمام الناس، والهدف من إعادة تشكيل شخصيتك هو أن تدرك صورتك الحقيقية مع نفسك حينما تكون مع الآخرين، وعليه فإن عملية التطابق للشخصية مطلوبة قدر الإمكان وهي عملية تحتاج إلى الاستمرارية في التغيير والتعديل حتى تصل إلى أقصى تطابق ممكن. كما يؤكد الدكتور الصبيحي على عدم المقارنة بينك وبين الآخرين فإنها تلغي الذات، حيث إن تأملك الدائم لما لدى الآخرين يجعلك تغفل عما لديك، بل وتحتقره، لأن الناس في العادة يقومون بمقارنة أنفسهم بمن هم أفضل منهم، وهذا يجعلك متعلقاً بما لدى الآخرين، وعليه يجب عليك التفكير بهدوء في أن ما لديك هو من صنع يديك، وهو مردود لمشيئة الله سبحانه وتعالى، وأن ما لديك يمثل قيمة عظيمة عند من هم أقل منك، ويجب عليك أن تتخذ فيما بينك وبين نفسك قرار عدم مقارنة نفسك بالآخرين، وأن جوهر هذه العملية يتمثل في سلسلة من العمليات النفسية وهي ألا تضيع وقتك وفكرك في عقد المقارنات مع أي كائن كان، بل ركز جهدك على تحقيق طموحاتك فقط. واكتساب فن الحوار وأسسه أمر في غاية الأهمية، بل إنه المدخل للتمتع بمزايا عدة، مثل الذكاء الاجتماعي والذكاء العاطفي وهو في الوقت نفسه مطلب لكل إنسان. فمن الصعب أن يتعامل الآخرون معك أو يتعاملوا معك حين يكون أسلوبك في الحوار أسلوباً عقيماً أو متسماً بالعصبية والعنصرية أو العناد والتحدي، وعليه فإنه يجب عليك احترام الرأي الآخر وتقبل آراء الآخرين بروح رياضية مهما كانت مخالفة لآرائك، ما يتطلب منك تدريب نفسك على هذه الخصال ووضعها في الحسبان دائماً عند الحديث مع شخص آخر. كما يتطلب أن تكون لديك القدرة على ترتيب أفكارك ووزنها والتسلسل المنطقي في عرض الفكرة التي تطرحها، ما يؤهلك للوصول لمنزلة لدى الآخرين ويجعلك تشعر بالرضا عن نفسك. ويجب عليك الاستماع إلى صوت عقلك، والوثوق في هذا الصوت، والتغلب على الشهوات والملذات، والإنصات إلى العقل والاستجابة لما يمليه عليك، وستكتشف أن ما أقدمت عليه قد عاد عليك بالخير، مع الابتعاد عن المثالية المَرَضية. فالمبالغة في تحقيق المثالية تجعل الإنسان مكبلاً بتحقيق تلك المثالية، وعليه يجب عليك تحديد قدراتك وإمكاناتك على تحقيق تلك المثالية في تدبير شؤون حياتك، ويجب عليك أيضاً أن تعترف بأنك بحاجة لتطوير ذاتك وشخصيتك، ثم تبحث عن أدوات التغيير التي تناسب احتياجاتك وإمكاناتك وظروفك المختلفة، ثم العمل على إجراء التغيير من خلال الأدوات والوسائل وفق منهج ثابت وبسيط. ويتابع الدكتور طرح قواعده لتطوير الذات حيث يطرح وجوب التحلي بالسكينة والذكاء الاجتماعي والاقتناع بأنك لا تملك إلا نفسك والتحلي بالمسامحة والثقة ووجوب أن تكون جميلاً لترى الوجوه جميلة وعدم التذمر والتحلي بالإنصات والتركيز على نبرة الصوت، وعدم الخجل من سماع صوتك، والأخذ والمطالبة وتفعيل الفضائل، وشراء الوقت واحترام النفس والاقتناع بأنك أفضل شخص في هذا الكون، وعدم الاهتمام بصغائر الأمور، والذكاء العاطفي، وتخيل الصورة التي تريد أن تكونها، وما تكونه هو ما تراه، والابتعاد عن مصادر المشكلات، ونظافة الجسم والملبس، وتحقيق الإنجاز كل يوم، والتفتيش عن الأسباب، وتكرار المحاولات وتسجيل الحضور. إنه حقيقة كتاب يمثل بوابة للتغير، والوقوف على عتبة بابها تطوير الذات وتغييرها، قواعد هذا الكتاب التي عددها الدكتور هي مفاتيح مهمة لحياة هانئة سعيدة. فلله دره من كتاب ولله دره من مؤلف.