رغم اشتياقي للوصول، أتوق لسعيٍ لا يُسدل عليه ستار، لسفرٍ يطول بي لا يفضي إلى خاتمة، كأن غايتي في السير لا في المَدارك.
بهذا المعنى، لا تُصبح الغاية هدفًا ننتظره عند خط النهاية، بل حالة نعيشها مع كل خطوة. فالسعي المستمر ليس رفضًا للوصول، بل احتفاءٌ بما قبل الوصول. هو انغماس في اللحظة، في التعب، في الاكتشاف، وفي تلك التحولات التي لا تحدث إلا حين نمضي طويلًا دون استعجال.
طبيعة هذه الحياة تنافسية بين البشر في مختلف المجالات وتتنوع هذه المنافية بطبيعة البشر والمجال الذي يتسابقون فيه ناهيك عن اختلاف طبائعهم في التنافس مع ذاتهم وتحفيزها وتمكينها من تجاوز التحديات وتسليحها بالصبر والعزيمة ، والأهم من ذلك تسليحها بالرغبة في السعي الحثيث لبلوغ مستهدفاتها وغاياتها بالصورة المشروعة والنافس الشريف الذي لا تشوبه مكائد الحاسدين أو سبل تحيد عن الطريق القويم من بعض ضعاف النفوس أو الذين تمكنت الأنانية والحسد وحب الذات من أفئدتهم. فهنيئاً لمن سعى وبذل وأنجز حتى يصل إلى مراده من النجاح والتفوق والتميز وهو قدوة حسنة لمن يريد أن يحذو حذوه.
نعم، النهايات تمنحنا وضوحًا، لكنها أحيانًا تُقصي عنا جمال التقلّب، ونُضج المراحل. الذين يعشقون السعي يرون في كل مرحلة محطة للمعرفة، وفرصة لإعادة تشكيل الذات. لا يخشون التقدّم، بل يخشون الثبات. لأن في الثبات موتًا صامتًا، وفي السعي حياة متجددة.
ليس كل سيرٍ يُقصد به بلوغ، فبعض الخطى غايتها السير نفسه. أن نُحب الطريق لا يعني أن نتخلى عن الوصول، بل أن نُدرك أن الرحلة هي الأصل، وأن التوق لما بعدها لا يلغي روعة ما بين أيدينا. فالعيش الحقيقي لا يكون في نهايات تُحكى، بل في مسارات تُعاش. والسير بوعي، بشغف، وبقلب لا يملّ التقدّم، هو أرقى أشكال البقاء.
@zsrx_