لم يكد الاقتصاد العالمي يبدأ في التحسن في أعقاب جائحة كوفيد وحرب الاستنزاف بين موسكو وكييف التي هدأت وتيرتها حتى اندلعت الحرب في الأراضي المحتلة، وهو ما يهدد بركود الاقتصاد العالمي، ومعاناة أكثر من 48 دولة من التضخم المفرط، وفق ما ذكرت صحيفة ذا فايننشال إكسبريس.
وفي حين أن الكثيرين مهتمون أكثر بالتطور اليومي للحرب والعدوان الإسرائيلي على غزة، إلا أنهم يفشلون في ملاحظة الآثار الاقتصادية لهذه الحرب المدمرة.
تباطؤ النمو العالمي
من جانبها، حذرت كريستالينا جورجييفا، رئيسة صندوق النقد الدولي، من التداعيات المحتملة للحرب. وقالت جورجييفا: "ما يحدث في الشرق الأوسط يحدث في وقت يتباطأ فيه النمو وترتفع أسعار الفائدة وترتفع تكلفة خدمة الديون بسبب كوفيد والحرب".
وبحسب ما أوردت الصحيفة، فإذا طال أمد الحرب على غزة، فإن ذلك ينطوي على خطر جر البلدان المجاورة إلى التأثر بالصراع، حيث تضم المنطقة أكبر مصدري النفط في العالم. ورغم أن احتمال تكرار الحظر النفطي العالمي الذي شهدته الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 ضئيل، إلا أن ارتفاع أسعار النفط لا يزال ممكناً.
تضرر اقتصادات الشرق الأوسط
تضررت اقتصادات دول المنطقة مثل مصر والأردن ولبنان بالفعل بسبب الحرب حيث أن دخلها يأتي بشكل أساسي من السياحة. وبما أن الحرب تجعل الناس حذرين بشأن الإنفاق، فإن المستثمرين في المنطقة سوف ينتظرون ليروا تطور الأحداث قبل تقديم أي التزام جديد. وبالمثل، فإن السياح سيؤجلون خططهم للسفر إلى المنطقة حتى تظهر علامات تراجع الحرب. واعتبرت الصحيفة أن الحرب العدوانية تهدد بأزمة إنسانية وهي مسؤولية لا يمكن للمجتمع العالمي التهرب منها.
صدمة في أسواق النفط
بما أن حوالي ثلث إمدادات النفط العالمية تأتي من هذه المنطقة وبما أنه لا توجد حتى الآن جهود جدية من جانب القوى الغربية الكبرى لإنهاء الحرب، فإن خطر حدوث صدمة نفطية لا يزال قائماً.
ويعزى هذا الأمر أكثر إلى كونهم (القوى الغربية) متحيزين للغاية لجانب واحد في الحرب، وهو الاحتلال على وجه التحديد بحيث لا يمكنهم العمل كوسيط سلام محتمل.
حالة من عدم اليقين
كل هذا يمكن أن يخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق بسبب الخوف من أي انقطاع في إمدادات النفط وتأثر الإمدادات الأخرى. ويتوقع المضاربون استخدام مثل هذه الإمكانيات لزيادة أرباحهم وبالمثل تحاول الشركات التي تتعامل في النفط التحوط ضد أي اضطراب في سوق الطاقة في المستقبل. لذا فإن الكيفية التي قد تتصرف بها سوق الطاقة تعتمد إلى حد كبير على الدور الذي تلعبه القوى الكبرى في الصراع وقدرتها على جر المنطقة بالكامل إلى هوتها.
توقعات أسعار الفائدة
من شأن الارتفاع المترتب على ذلك في أسعار الطاقة أن يجبر البنوك المركزية في مختلف الاقتصادات على زيادة أسعار الفائدة لترويض التضخم.
وفي هذا الصدد، توصل استطلاع للرأي أجرته وكالة الأنباء العالمية رويترز مؤخرا وشمل أكثر من 500 خبير اقتصادي إلى نتائج لا تبعث على التفاؤل بالنسبة للاقتصاد العالمي. وبالنظر إلى وجهات النظر التي عبر عنها الاقتصاديون الذين تمت مقابلتهم فإن النمو الاقتصادي العالمي سيتراجع وسترتفع معدلات التضخم في 48 اقتصادًا في العالم.
وفي الوقت نفسه قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد إن مجرد إجراء مناقشة حول خفض (الفائدة) أمر سابق لأوانه تمامًا. ويعتقد معظم الاقتصاديين وفقا للمسح أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من غير المرجح أن يتجه نحو خفض أسعار الفائدة كما أن العديد من البنوك المركزية الرائدة الأخرى في العالم بما في ذلك بنوك نيوزيلندا وأستراليا وإندونيسيا والهند وحتى اليابان على سبيل المثال، ليست مهتمة بخفض أسعار الفائدة في أي وقت قريب.
اتجاه ركودي
ووفق ذلك، يقول الواقع أن الاتجاه الركودي في الاقتصادات العالمية الكبرى لا يزال قائماً. ولأن أسعار الطاقة هي المحرك الرئيسي لاقتصادات العصر الحديث في جميع أنحاء العالم، فإن التفاؤل الذي أظهرته الاقتصادات الكبرى مؤخرًا كان له علاقة بالاستقرار النسبي لسوق الطاقة. ورغم أن البعض على استعداد للتقليل من أهمية التأثير المحتمل لعلاقة الحرب على سوق الطاقة العالمية، إلا أن الواقع قد يكون مختلفاً تماماً.
الدول النامية
وفي هذه الحالة، يتعين على الاقتصادات النامية أن تتوخى الحذر في سياساتها المتعلقة بالطاقة مع التركيز على الموقف المتطور في الشرق الأوسط والذي يتمحور حول الحرب على غزة.
وختمت الصحيفة بقولها، إن عواقب أي حرب لا تلحق الضرر بالاقتصادات المشاركة فيها فحسب، بل أيضًا بالدول الأخرى التي تجري معاملات تجارية معها.