تعد مهنة الخوص وصناعة السعف من المهن التراثية القديمة في المملكة، والتي تعكس ارتباط التراث السعودي بالنخل، حيث تعتمد حرفة وصناعة الخوصيات على توفر الخامات الأولية من شجر النخيل، وأكثرها استخدامًا هو خوص اللبة وخوص السعف، واستطاعت النساء في المملكة قديمًا غزل وحياكة ذلك في منازلهم بمهارة عالية، ليصنعوا العديد من المنتجات المختلفة.
وقفت "اليوم" عند "أم سلطان" والتي مارست تلك الهواية منذ نعومة أظفارها في السابعة من عمرها، لتقضي أكثر من 58 عامًا في هذه المهنة، مؤكدةً خلال حديثها أن شغفها في تلك الحرفة أورث لها حبًا لن تتخلى عنه، مهما ساهم التطور التقني في التعويض عن تلك الحرف.
قالت الحرفية صاحبة الـ65 عامًا من المدينة المنورة "أم سلطان"، علياء المليبي: "منذ أن كنت في السابعة من عمري تعلمت العمل على السعف من خلال اللعب والهواية، ومن ثم تعلمت السدو والتطريز والخياطة، وكانت هوايتي الحرف اليدوية وجمع المقتنيات القديمة، حتى تمكنت ولله الحمد من عمل متحف بسيط في المدينة". وبينت أنها دربت بناتها على تلك الحرف اليدوية، كما أخذت مهنة السعف من والدتها، وتابعت أن العناية والقيام بأعمال المنزل لم يكن عائقًا أمام أعمالها، فقد كانت تقضي وقتها في صناعة الخوص كلما سنحت الفرص.
وأضافت أن شغفها في هذا العمل أصبح اليوم حبًا لا يمكن التخلي عنه، مبينة أهمية عملها التي استطاعت من خلاله إبقاء هذا الموروث، من خلال مشاركاتها في العديد من المهرجانات التراثية لعرض تلك المنتجات، ووضحت أن للسعف الكثير من الاستخدامات والكثير من الصناعات منها: القبعة والمكنسة والحافظة والشنط والسفرة والمراوح وغيرها، والتي تحتفظ بشكلها وهيئتها لفترة أطول.
الجدير بالذكر، أن صناعة هذه المنتجات يبدأ بفصل الخوص عن السعف ونشره في الشمس إلى أن يجف، ثم يُقسّم طوليًا حسب العرض المطلوب للنسيج، بعد ذلك توضع حزم الخوص المقسم في حوض ماء حتى يلين، ثم تستعمل الإبر في خياطة الخوصيات وتركيبها في بعضها، وكذلك السكين في قص وتهذيب أطراف الخوص وتنقيته من الأشواك قبل طليه بالصبغ الخاص.