أكد عضو مجلس الشوري نائب رئيس لجنة الطاقة والصناعة، د. ياسر عبد الرحمن حافظ، أن ما يشهده الوطن هذه الأيام من إنجازات متميزة في مجال الفضاء يحقق أحد طموحات القيادة الرشيدة، التي أولت عالم الفضاء قدرًا من اهتمامها، لتعزيز دور المملكة في عالم الفضاء وصناعة تقنياته.
وأكد حافظ في حديثه لـ"اليوم"، أن هذه الإنجازات دفعته إلى طرح توصية على تقرير مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، لدراسة تأسيس محطة وقاعدة سعودية لإطلاق المركبات الفضائية في المملكة، استثمارًا لموقعها الجغرافي المميز مقارنة بمواقع محطات إطلاق المركبات الفضائية العالمية.
وأضاف: يعيش رائدا الفضاء السعوديان ريانة برناوي وعلي القرني يومهم الخامس في الفضاء، وهي المرحلة الثانية من مراحل رحلتهم التي يمكن تقسيمها -في رأيي- إلى 3 مراحل رئيسية:
أولًا: مرحلة التهيئة والصعود ثم العودة.
ثانيًا: مرحلة الوصول إلى طبقة الثرموسفير، والتحام الكبسولة كرودراغون بمحطة الفضاء الدولية وبدء التجارب.
ثالثًا: مرحلة تحليل المعلومات وتحقيق النتائج، وهذه المرحلة ستستمر حتى بعد عودة رائدي الفضاء مكللين بالنجاح.
بيئة مناسبة لإجراء العديد من التجارب الحيوية والعلمية
أضاف عضو مجلس الشوري: من أهم ما تتميز به المرحلة الأولى، انطلاق رائدي فضاء سعوديين، بينهما أول امرأة سعودية عربية، عبر طبقات الغلاف الجوي التروبوسفير (الطبقة الأرضية المناخية)، ثم الستراتوسفير (الطبقة الهادئة)، ثم الميسوسفير (الطبقة المتوسطة)، قبل وصولهما إلى الطبقة الحرارية المسماه "الثرموسفير"، وهي الطبقة التي توجد فيها محطة الفضاء الدولية على ارتفاع 408 كيلومترات تقريبًا فوق سطح الأرض، حيث تضعف قوة الجاذبية الأرضية بدرجة كبيرة جدًا وتسمى "الجاذبية الصغرى"، وبالتالي تشكل بيئة مناسبة لإجراء العديد من التجارب الحيوية والعلمية التي تتطلب دراستها أن تكون تحت تأثير جاذبية شبه معدومة.
أول صاروخ فضائي يمكن استعادته بعد انتهاء مهمته
عن جانب التقنية قال حافظ: التصميم التقني المتطور للصاروخ "فالكون 9" والكبسولة الحاملة لرواد الفضاء، يضيف إلى هذه الرحلة تميزًا تقنيًا يواكب أحدث ما توصل إليه في مجال صناعة الفضاء حتى الآن، إذ يُعد "فالكون 9" أول صاروخ فضائي يمكن استعادته بعد انتهاء مهمته، عكس الصواريخ الأخرى التي لا يمكن استخدامها إلا مرة واحدة فقط.
أما محطة الفضاء الدولية التي يجري فيها رواد الفضاء أبحاثهم، فقد صُممت خصيصًا لهذا الغرض، فهي مجهزة بأماكن خاصة لإجراء التجارب، وغرف ومرافق خدمية لإقامة وراحة رواد الفضاء، وتساوي في حجمها منزلًا مساحته 7900 متر مربع تقريبًا، وارتفاعه 20 متر، يسير في طبقة الثرموسفير بسرعة متوسطة قدرها 27600 كم في الساعة تقريبًا.
وفي هذه المحطة سيجري رائدا الفضاء السعوديان ريانة وعلي 14 تجربة علمية مؤكدة (قد تصل إلى 20 تجربة دقيقة لاحقًا)، ستكون 10 تجارب منها في المجالات الطبية، و3 في مجالات الإرشاد والتعليم، وتجربة واحدة في مجال الاستمطار تحت تاثير الجاذبية الصغرى، وهذه الحقائق العلمية الثابتة تؤكد التطور العلمي الهائل الذي وصلت اليه البشرية.
ومن المؤسف جدًا أن نجد في شبكات التواصل الاجتماعي من يشكك في برامج الفضاء وأهميتها، أو من يقدم تصورات غير علمية وغير منطقية لتبرير مواقفه، ومن المفترض عدم الالتفات إلى هذه الأصوات وإهمالها تمامًا، فالقافلة تسير، وإماتة الباطل تكون بالسكوت عنه، وفي الوقت نفسه أرى أهمية تكثيف التوعية العلمية ونشرها في المجتمع، حتى لا يكون هناك مجال لمثل هذه الاصوات النشاز المحبطة لكل إنجاز.
رائدا الفضاء علي القرني وريانة برناوي ينشرا صورًا من #اليوم الأول لوجودهما في محطة الفضاء الدولية#السعودية_نحو_الفضاء #نحو_الفضاء #KSA2Space@Astro_Rayyanah @AstroAli11 pic.twitter.com/dcm9aTma8h— صحيفة اليوم (@alyaum) May 25, 2023
الهيئة السعودية للفضاء تنظم كل ما له صلة بقطاع الفضاء وتطويره
أضاف حافظ: حرصت قيادتنا الرشيدة على أن تكون التشريعات والتنظيمات أسسًا لتحقيق مستهدفات برامجنا الوطنية في جميع الميادين عمومًا، ومنها ميادين الفلك والفضاء وتطوير القطاع وتنظيمه، وتوفير جميع السبل والإمكانات للوصول إلى أفضل الإنجازات الرائدة، بما يحقق رؤية المملكة في هذا المجال.
فقد تضمن ميثاق الهيئة السعودية للفضاء التي أُنشئت بموجب قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 209 وتاريخ 1440/4/25هـ في مادته الثالثة، أن هدف الهيئة هو تنظيم كل ما له صلة بقطاع الفضاء وتطويره، وبما يضمن رعاية مصالح المملكة ومكتسباتها، ويعزز الأمن والحماية من أي مخاطر متعلقة بالقطاع، وتشجيع الأنشطة البحثية والصناعية المتصلة بالفضاء وتحفيزها، وتنمية الكوادر الوطنية المتخصصة في مجال الفضاء.
وللهيئة، دون إخلال باختصاصات ومسؤوليات الجهات الأخرى، تنظيم ما يتصل ببعثات علوم الفضاء والاستكشاف، وتنمية الكوادر الوطنية في مجال علوم الفضاء ودعمها، والتعاون مع الجهات الحكومية والهيئات المماثلة في الدول الأخرى، والمنظمات الدولية فيما يتعلق باختصاصاتها، وفقا للإجراءات النظامية.
ومن هنا تأتي أهمية مشاركة القطاعات المختلفة في المملكة، بما يحقق أهداف الهيئة وبرامجها، وخاصة في الميادين العلمية المتوقعة من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وهي جهة رائدة في مجال الفلك والفضاء وعلومهما، وهيئة الاتصالات والفضاء والتقنية والجامعات السعودية بمختلف تخصصاتها العلمية، والجهات الأخرى ذات العلاقة.
تجاوزنا مرحلة التمكين إلى مرحلة الإنجاز
في جانب آخر من جوانب التطور والازدهار، قال د. حافظ: حرصت المملكة في هذا العهد الزاهر على تمكين المرأة إيمانًا بقدراتها وتعزيزًا لمكانتها التي كفلها لها الشرع الحنيف ونظام المملكة، وجاء تأكيد ذلك في كلمة خادم الحرمين الشريفين في افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الثامنة لمجلس الشورى، فقال -حفظه الله- "حظيت المرأة السعودية باهتمام ورعاية لتؤدي دورها في التنمية والبناء والتطوير"، وها نحن نقطف الآن إحدى ثمار هذا التمكين بإنجاز غير مسبوق على مستوى العالمين العربي والإسلامي، بصعود أول رائدة فضاء عربية، ليؤكد للعالم أجمع أننا تجاوزنا مرحلة التمكين إلى مرحلة الإنجاز".
تجارب سعودية في #الفضاء@saudispace
@CST_KSA#السعودية_نحو_الفضاء#نحو_الفضاء #KSA2Space#اليوم pic.twitter.com/QVxDT03H1t— صحيفة اليوم (@alyaum) May 23, 2023
إنجاز متميز يجسد كلمة خادم الحرمين الشريفين
أشار د. ياسر حافظ إلى أن ما يشهده الوطن هذه الأيام من إنجاز متميز في مجال الفضاء، يحقق أحد طموحات القيادة الرشيدة، ويجسد كلمة خادم الحرمين الشريفين التي تضمنها خطابه في افتتاح أعمال السنة الثالثة لمجلس الشورى، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حينما قال -حفظه الله- "إن عالم الفضاء قد أولته المملكة قدرًا من اهتمامها لتعزيز دورها في عالم الفضاء وصناعة تقنياته، وخلال هذا العام جرى إطلاق برنامج المملكة لرواد الفضاء عبر رؤية المملكة 2030، الذي يهدف إلى تأهيل كوادر وطنية متمرسة للقيام برحلات فضائية طويلة وقصيرة المدى، كما سيجري إطلاق الاستراتيجية الوطنية للفضاء، التي تشمل برامج الفضاء في المملكة وأهدافها في خدمة الإنسانية".
ولم تمض سوى بضعة أشهر على هذه الكلمة الضافية حتى أصبح الطموح والشغف السعودي إنجازًا من الإنجازات العالمية في عالم الفضاء، ليؤكد أن رؤية المملكة 2030 التي أسسها ويقود سفينتها الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- هي المحرك الأساسي لكل الإنجازات الحديثة والرائدة في هذه الدولة المباركة، قولًا وفعلًا، والتي بُنيت على الطموح والشغف المقترن بالجهد والجد والسرعة في الإنجاز مع الدقة والاتقان في العمل، وبالطبع لا ينتج عن ذلك إلا نجاح وتميز.
وضع الأسس العلمية لبرنامج الفضاء السعودي
أضاف د. ياسر حافظ: إذا أراد الله بأمة خيرًا سخر لها سبل النجاح وبارك لها في تلك السبل، وهذا الاهتمام لم يكن وليد اليوم، وإنما هو غرس أبوي من خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله.
ويضاف إلى اهتمام قيادتنا الرشيدة أن مكنت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بوضع الأسس العلمية لبرنامج الفضاء السعودي، والذي بدأ يتجه الآن نحو مستقبل أكبر طموحًا من مجرد برنامج للأقمار الصناعية، إلى برنامج متكامل للاكتشاف وتوظيف النتائج العلمية في خدمة النهضة العلمية والتقنية والتنموية في المملكة.
وهذا ما دفعني إلى أن أطرح توصية الأسبوع الماضي على تقرير مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، لدراسة تأسيس محطة وقاعدة سعودية لإطلاق المركبات الفضائية في المملكة، استثمارًا لموقعها الجغرافي المميز مقارنة بمواقع محطات إطلاق المركبات الفضائية العالمية.
