لعلّ تلك النبتة أخذت اسمها من كلمة «أثيل» وهو السموّ والعراقة والنبل وطيب المحتد.
تكثر عندنا، ولا تحتاج من الماء إلا القليل، فقط في المرحلة الأولى من إنباتها، وتتحمّل الظروف المناخية بشكل ملاحظ.
موطن الشجرة بلدان البحر الأبيض المتوسط الدافئة، وتنتشر جذورها في الغالب في الأراضي الرطبة، بالقرب من المياه والأنهار والأَودية. وقديمًا يصنع من السيقان السفن لقوّتها وتحمّلها.
* على الذكرى وقفتْ أنثر دموعي في بيوت الطين.
بهْ أغلى ذكريات العمْر كلّهْ وأجْمَلْ أيامي.
بيوت الطين التي أوردها الشاعر ما كانت لتبقى لولا داعمها الأساسي خشب الأثل، فما من قصر كبير أو منزل متواضع صغير إلا وكان السقف من خشب الأثل مُجللًا بالرطب من سعف النخيل، متحديًا الزمن والأنواء.
كان رخيص الثمن، وربما جاء مجانًا، من باب العون والإحسان نحو الجار والصاحب والقريب. طوّقتْ نفسها معظم بلدان بغابات من الأثل، كصاد للرياح ومُلطّف للهواء، والأهم أنه عندما ينمو يخدم كمادة إنشائية، لا يستغني عنها كل من فكّر في بناء منزل.
رأينا الرجل أو المرأة يحمل قربة ماء صغيرة، ملأها من بئر في مزرعة قريبة، يدور على شجيرات الأثل ليرويها بين حين وآخر. كان جليّا ومتعارفًا عليه بين الأهالي عدم ادّعاء أحدهم بأثلة كان يسقيها غيره، وهكذا كان يُعترف للفرد بجدوى سعيه.
كثُر الأثل في بلادنا المملكة العربية السعودية، وجادت أخشابه في منطقة القصيم، وفي الأربعينيات من القرن الميلادي كانت اللواري لا تعود فارغة إلى الرياض، إذا هي جاءت بالبضائع إلا وقد ملأت أحواضها من خشب الأثل، الذي بولغ في تشذيبه لجعله سهل التناول ومن ثم الاستعمال في التشييد.
أقول ربما بدا للبلديات تصنيع مقاعد الحدائق العامة من خشب الأثل، وتشجيع المصنعين والمردين على توظيف قوة المادة القوية كمجالس (كراسي) أو مظلات زينة، مع إعطاء المصنعين تشجيعًا، يتمثل في أولوية المصنعين، بدلًا من استعمال الكراسي الحالية التي هي عبارة عن نشارة لا تلبث أن تبيد.