لماذا تذهب إلى هذا المطعم أو المقهى تحديدًا؟
لأن عائلة أحد الأصدقاء ذهبوا هناك وصوّروا، فضغط علي الأولاد بأنه لابد من الذهاب لهذا المطعم ونصوّر، ليش نكون أقل منهم؟!
ويستمر الوقوع في دوامة المقارنة لينتقل حتى إلى السفر، فبعضنا يسافر لا ليستمتع، بل ليقلق ويُقلق بمتابعة غيره وإثبات أنه – أو أنها- ليس – أو ليست- أقل منهم أو منهن، وكذلك الأمر بالنسبة للسيارة، فنحن لا نشتري السيارة التي تلبّي احتياجاتنا، بل التي تلبي احتياجات الآخرين، وكذلك تصميم البيت، حجمًا وشكلًا وما يحويه من أثاث نصمم كل جانب من جوانبه ليس من أجلنا وأجل أولادنا، بل من أجل الآخرين، حتى الجودة لا تهمّنا كاهتمامنا بالألوان والديكور الخارجي.
يجب أن يتوقف كل هذا إن كنا نريد الراحة والطمأنينة والتفرغ لما فيه نجاحنا حقيقة، في كتاب صفة الصفوة لابن الجوزي ورد قول عظيم للتابعي الجليل عون بن عبدالله يقول فيه: صحبت الأغنياء فلم يكن أحد أطول غمًّا مني إن رأيت أحدًا أحسن ثيابًا مني وأطيب ريحًا مني، فصحبت الفقراء فاسترحت.
دوامة المقارنات لا يخرج مَن دخلها منها سالمًا، فهي سبب رئيس للتوتر والقلق والخسائر المادية، فالكثير من الواقعين في هذه الدوامة يصرف وفق ما يصرفه محدثو النعمة -ولا أقول الأغنياء لأن مَن بنى ثروته بنفسه لا يعبث بها- والوارثون الجدد، وقد أظهرت لنا الجوالات الكثير من هؤلاء، ممن يباهي بالكذب لجلب المعلنين أو يستعرض بالتفاهات إن كان صادقًا، أيضًا المقارنات سبب للمشاكل الأسرية، وهذا أكبر من أن يستر مع شديد الأسف، فهذه المقارنات سبّبت هدم البيوت، فبعض الزوجات تريد أن تكون مثل هذا وهذه بدون مراعاة لظروف زوجها والأهداف المستقبلية للعائلة، أيضًا دوامة المقارنات سبب لإضعاف الثقة بالنفس فمَن يقلّد لن يكون معتزًا بنفسه، وهذه تنتقل حتى للأجيال القادمة في الأسرة فلن تكون نظرة الأولاد لوالديهم إلا نظرة قاصرة، فعائلتهم لا تستطيع أن تقيم مشروعًا خاصًّا حتى ولو كان ترفيهًا.
من أجلكم، ومن أجل أولادكم، ومن أجل دنياكم وآخرتكم، أعيدوا النظر في حياتكم، وحرّروا أنفسكم من دوامة المقارنات، وكونوا أنتم لا غيركم.
@shlash2020