الناس فيما مضى ينتظرون العيد؛ ليلتقي القريب والبعيد والصغير والكبير، ويقدم المسافر قاصدًا هذا التجمّع العائلي المتفرّد، لكن اليوم انقلبت الموازين، وهرب البعض من تلك المناسبة إلى خارج البلد!! وتعمّدوا اختيار توقيت سفرهم في أيام العيد؛ ليحتفلوا بالعيد «مع أنفسهم»!، بعيدًا عن أجواء العيد السعيد، وصلاته، وبهجة الصغار، وزهو الكبار الذين ينظرون لأبنائهم وأحفادهم بعين الغبطة والفرح، بينما هم في ديار الغربة «يتمسحون»، ويتنقلون بين الفنادق كالغرباء! لا مظاهر توحي بهذا اليوم، ولا أهل يتشاركون معهم تلك الأجواء!
وهذه التقليعة «التخلي عن العيد بين الأهل والسفر للخارج» أصبحت منتشرة بين بعض الناس، وأصبحنا شيئًا فشيئًا نتخلى عن عادات جميلة ذات تأثير ديني أسري تربوي رائع، ولكل غائب في العيد مكانة موحشة لا يشغلها أحد في غيابه، فيا أيها الناس لا تغيبوا عن الأعياد والتجمّعات العائلية؛ ليعتاد أبناؤكم على حرصكم عليها فيحرصوا..
فلتان:
كان كل مخطوبين يدسّون أنفسهم؛ ليتحدثوا بالهاتف بكلمات خَجلى يحرصون فيها على ألا يسمعهم أحد، فإذا التقيا بوجود فرد أو نصف فرد من الأهل استحضرا كل قواميس الأدب والرزانة! أما في هذا الوقت من الزمان فقد انفلت اللسان، وانفلتت المشاعر! وأصبحت مشاعًا.. والمفضوح أصبح مسموحًا! فلا غرابة في أن «يتغازل» اثنان في العلن، بعد أن كانت تلك المشاعر والكلمات لا تخرج إلا على استحياء، وبعد التفكير والاستخارة «وبألف كلفة»! ثم تكون ذات معنى كبير وعميق وجاد، وتهدف لعلاقة مقدسة، فحتى الشعر العربي الذي اعترف بالغزل لم يجعل بابه مفتوحًا، بل جعل له تصنيفات، فهذا غزل عذري عفيف مقبول، وذاك غيره مذموم!
أما اليوم فقد اختلط الحابل بالنابل وشطح الغزل، ولم تعُد كلماته فقط للمحبوب!! ولم يعُد غريبًا أن نشاهد اثنين يتغازلان في بث حي! وهما «يسبلان» العيون ويلقيان بالكلمات دون هدف سوى «تقزير» الوقت، فإذا انتهى البث أُعيد المشهد مع شخص آخر! وأمام الناس.. ومن الأجدى أن يمنع الصغار من متابعة هؤلاء المنفلتين حتى لا يعتقدوا أن من الصحيح والطبيعي فضح المشاعر!!
«خلاقين»:
في العيد وعند وصول طلبات الشراء الإلكترونية، تحدث الصدمات والآهات والآلام!! فما كانت تعرضه العارضة على جسمها ذي المقاييس الهندسية العالمية! أصبح على صاحبة الطلب «مخلقن» لا يصلح للاستعمال الآدمي! فالصورة لا تمت للواقع بصلة، أما المنتجات الأخرى فما كان كبيرًا في الموقع أصبح بحجم النملة! ولا عزاء لتلك المبالغ المهدرة!
أما تخفيضات المحلات فما هي إلا دسّ وإخفاء للبضائع الجميلة، وخطة مدروسة للتخلص من «الخلاقين»، والخلاقين كلمة جامعة لكل ما لا يُلبس، وتحتاج المحال لتصريفه.
بينما نصدق نحن للأسف تلك الدعايات ونحقق للتجار أمنياتهم.