عندما فكَّرت في كتابة المقال، والذي يتزامن بآخر أيام شهر رمضان المبارك، كنت أفكّر ماذا يحتاج الناس مني كطبيبة بعيدًا عن الكلام المكرر، وبعضه غير واقعي في التجمعات والاحتفالات والأعياد التي يقدّم فيها ما لذ وطاب، ويجتمع فيه الناس، وتتقارب المسافات بينهم، وهذا أصلًا جزء من طقوس العيد بشكل عام في جميع العالم، حيث ترتبط الأعياد بالفرح والابتهاج والتجمعات.
التحديات الصحية في العيد عديدة، ومنها نوعية الغذاء المقدّم وملاءمته لمَن لديه مشاكل صحية، والقابلية لانتشار العدوى التي تتناقل مجتمعيًّا منها الأمراض التنفسية، وكذلك الحوادث والإصابات خلال الأعياد.
وهناك عبء على النظام الصحي بين الموازنة بين إجازة الموظفين في القطاعات الصحية بسبب إجازة الأعياد وما يرتبط بتكليفهم من زيادة للنفقات أو الحوافز الوظيفية، وزيادة الحاجة للخدمات الصحية، خصوصًا الطارئة منها وهي غالبًا عالية الكلفة، ورضا المستفيد.
لذا التوعية الصحية تُعدّ أحد الحلول العملية والاقتصادية ذات الكفاءة والفعالية متى ما قدّمت بأساليب مواكبة لحاجة المجتمع والتطورات التقنية، وعُرفت بالخدمات الصحية، بما يجعلها قريبة الوصول، ولكن بما لا يسوقها بما يرفع من التوقعات ويزيد الإقبال عليها بدون جهازية أو بالاستهلاك المفرط للخدمات خصوصًا في القطاعات الصحية الحكومية أو غير الربحية، وهنا يختلف المفهوم بين التوعية الصحية والتسويق للخدمات الصحية، فالتسويق يتناسب مع الحالات الباردة وذات العائد المالي، بينما التوعية من أهدافها الإستراتيجية تقليل الحاجة للخدمات الصحية الطارئة والتنويم بالمستشفى وتحجيم الإصابة بالمرض ومنع المضاعفات؛ بهدف تعزيز صحة المجتمع والتقليل من المراضة والعبء الاقتصادي؛ بسبب الأمراض والوفيات.
ويمكن الاستفادة من التوعية الصحية لتعزيز الصحة في التجمعات والحشود مثل الأعياد؛ ليكون العيد آمنًا، على سبيل المثال لا الحصر:
1. الحفاظ على قواعد الصحة العامة من حيث النظافة الشخصية، ومصادر الغذاء والشراب.
2. الاحتياطات التنفسية من المصاب بالعدوى التنفسية بلبس الكمامة أو ترك مسافة آمنة بينه وبين غيره، واستخدام المناديل الورقية النظيفة والتخلص منها، وتطهير الأيدي باستمرار خصوصًا بعد المصافحة وقبل لمس الوجه.
3. الغذاء الصحي حتى لو في الأعياد وضمن الأنماط الغذائية التي يجنح لها بعض الناس مثل أنظمة الكيتو والصيام المتقطع والنظام المبني على التقليل من الكاربوهيدرات، وغير ذلك من أنماط غذائية يمكن الاستمرار عليها مع فرحة العيد.
4. العلاجات الآمنة كانت دوائية أو غير دوائية التكميلية الآمنة، وتتعامل مع صعوبة الهضم والنزلات المعوية، والحروق البسيطة وغير ذلك مع توضيح متى يحتاج المريض استشارة الطبيب أو مراجعة المشفى.
5. الإسعافات الأولية وماذا يمكنك عمله حتى وصول المساعدة الطبية لحماية المريض.
6. التعريف بقنوات التواصل الطبية مثل العيادات الافتراضية والطب الاتصالي، ويمكن من خلالها متابعة الحالات الباردة أو مرضى الأمراض المزمنة وتأمين احتياجاتهم الطبية بحسب تقدير الطبيب.
7. توعية المرضى والمراجعين بمتى وكيف يستخدمون الخدمات الصحية، ومراجعة الطبيب، ومن هو الطبيب أو المنشأة الصحية المناسبة للحالة، ومتى تستعين بالطب الاتصالي أو الافتراضي ومتى تذهب للمشفى.
8. توعية المجتمع بمفهوم الحالات الباردة والحالات الطارئة، ففي الأعياد والإجازات هناك أولوية علاجية، فمهما كانت حالتك مهمة، فهناك حالات أهم، وعلى ذلك يتم فرز المرضى لتقديم العلاج لهم بما يتناسب مع كل حالة من حيث السرعة والأولوية.
9. توعية الموظفين بطرق التواصل الفعّال مع المرضى والمراجعين في الطوارئ لتجنب سوء الفهم، ويعزز ذلك بوضوح الإجراءات التي لا تحمل الموظف خطر الاعتداء عليه أو الشكوى منه.
10. دعم المتخصصين الذين يقدمون التثقيف الصحي عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في المجتمع، فهم يساهمون بأساليبهم المؤثرة في تعزيز الوعي الصحي الذي يساهم بأثره في تحسين النظام الصحي.