يعتبر الماء من أهم مصادر الحياة، فهو الذي يميز الأرض عن غيرها من الكواكب، لتوفر كميات كبيرة منه على سطحها، بحيث تغطي المياه أكثر من 70٪ من مساحة الأرض، وتجد أن الحضارات نشأت عبر التاريخ، قرب مصادر المياه، كالبابلية في العراق، والفرعونية في مصر، وحضارة هارابا في وادي نهر السند، والحضارة الصينية على طول نهر اليانغتسي والنهر الأصفر، وفي وقتنا الحاضر، تجد أن الدول تتنافس على مصادر المياه، بل وقد تنشأ فيما بينها الخلافات حوله، فقيمة الماء نفيسة للغاية، وكذلك هي قيمة الإنسان المتميز، الذي يمتلك الكثير من المهارات، فتجد أن الناس يتنافسون للحصول على خدماته، أياً كانت مهنته، فهو بمثابة العملة النادرة.
وللماء كذلك خواص عديدة، منها القدرة على التشكل، فإذا وضع في كأس أو آنية تشكل بشكلها، ويشابهه في تلك الخاصية، الإنسان المرن، الذي يتماشى مع التغيير، ولا توقفه قلة الإمكانات، ولا تعطله كثرة المعوقات، ولا تحطمه عبارات التثبيط، بل تجده واثق الخطوة، يتكيف مع الظروف ويسخّرها لهدفه المنشود.
وتجد أن من خواص الماء، أنه يخفف الحرارة، ويطفئ اللهب، يشبهه في ذلك البعض من البشر، حيث إنك تجده بلسماً شافيًا لجراحات الغير، يمسح دمعة اليتيم، ويحنو على الصغير، ويساعد المحتاج، ويقف مع المظلوم، ويواسي صاحب المصيبة.
ومن خواص الماء كذلك، أنه يُعتبر مذيباً عامًا، فالكثير من المواد الموجودة في الطبيعة تذوب فيه، وكذلك بعض البشر، يعجبك فيه قدرته على امتصاص الصدمات، دون أن تؤثر على نفسه، بل قد يعود بعدها أقوى وأصلب.
فلنكن كالماء تماماً، في خواصه النافعة، ولنأخذ من خواصه دروساً، تصلح بها أحوالنا وتوجّهنا إلى الطريق الصواب.
قال الشاعر:
إذا الماء يومًا أفاض عطـاه
وصـارت به أرضنـا زاهيـة
تدفـق شلالـه مـن عـلاه
تليـن بـه أرضنـا القـاسيـة