تطور النظام الصحي العالمي خلال الثلاثين عاما الماضية أدى إلى ثورة كبيرة في القطاع الصحي مما ترتب عليه قفزة هائلة في مستوى الأعمار لتصل الأرقام التي كنا نعتقد أنها من كبار السن إلى متوسطي الأعمار، في السابق عندما يصل الإنسان إلى الخمسين يصنف على أنه من كبار السن ولكن بعد تطور الرعاية الصحية والنقلة الهائلة في الأدوية والأجهزة وما يتبعها من تطور للعمليات والأشعة وغيرها أصبحت تلك الأعمار من الفئات المتوسطة، وبعد ذلك حدثت نقلات أسرع وأكبر ليصبح ذوو الأعمار من ستين عاما هم من الفئة المتوسطة بعد أن كانوا من كبار السن سابقا، عندما نقرأ في الكتب عن التواريخ الماضية لأحد المشاهير من الساسة أو المؤرخين أو الشعراء وغيرهم عندما يتوفى عن ستين سنة يقرن عبارة (توفي شيخا هرما عند الستين عاما) أما حاليا لو ذكرت أن أحدهم توفي عند الستين أو الخمسة والستين عاما يقول الكثير (رحمه الله مات شابا) بمعنى أن متوسط الأعمار حاليا مع النقلات الهائلة في القطاع الصحي ساهمت بفضل الله في رفع مستوى المتوسط العمري إلى الخمسة والستين عاما أو أكثر بحيث أصبح الرجل أو المرأة يستطيع ممارسة مهامه الوظيفية والعملية إلى السبعين عاما وأكثر، ومما يدل على ذلك أن أصحاب الشركات الخاصة يستمرون في ممارسة مهام عملهم حتى الخمسة والسبعين والثمانين عاما بكل نشاط وحيوية.
المرأة حاليا لم تعد كما في السابق أسيرة لسن الأربعين أو الخمسين عاما تلك المرأة الهرمة بل ازداد جمالها وأناقتها وشبابها عند هذا العمر بشكل واضح، لذلك أعتقد أن تقاعد الرجل أو المرأة حاليا عند سن الستين عاما يحمل بين طياته هدرا للكثير من الطاقات التي نستطيع استثمارها في تنمية وبناء الوطن، ومن الأفضل رفع سن التقاعد إلى أربعة وستين على الأقل لنتمكن من الاستفادة من تلك الخبرات التي ما زالت تضج بالشباب والحيوية والعطاء.
أكاد أجزم حاليا أن الكثير يشاهد رجالا ونساء تجاوزوا الستين ولا يستطيع تمييزهم عن أعمار الأربعين والخمسين بما أنعم الله عز وجل به من تطور علمي في مجال الطب، لذلك يمكن تحقيق الفائدة القصوى برفع سن التقاعد إلى رقم يمكننا من استثمار تلك الطاقات بدلا من هدرها.