الإنسان بطبعه ضعيف ويخاف، سلوكه وتصرفاته ومواقفه تدل على ذلك فلماذا هذه القسوة والشدة والتجبر؟
يشعر الإنسان في مواقف المرض والوفاة والحزن بضعفه وعجزه، وقد تجده لا يستطيع تحريك نفسه، وقد يعود كطفل رضيع عاجز عن القيام بأشيائه فهل يأخذ البشر العظة والعبرة والحذر؟
للأسف إنهم مع كل هذا الضعف يتمادون في مشاكلهم وأحقادهم، وضغينتهم وحروبهم الشخصية، فهم يعيشون في صراع دائم لا ينتهي وكأن جمال هذه الدنيا بالخلافات والمشاكل.
أشفق كثيرا على من لم يدركوا بعد حقيقة الدنيا، ولم تدلهم المواقف والتجارب على ماهيتها الحقيقية بعد، فهم ما زالوا يستنفدون أوقاتهم وجهدهم في مشاكل متعاقبة، ويدورون في نفس الحلقة المفرغة التي لا توصلهم إلى شيء.
إن من يدرك لحظات العجز ويعرفها ويعيشها، أو يسمع بها من مواقف الآخرين، تعطيه هذه الدروس المتلاحقة والفرص المتتالية موعظة منها، ليتعلم ويعرف مقدار حجم الدنيا الحقيقي، والتي لا تستحق منا هذا الخصام والتعادي حتى مع أحبتنا وإخوتنا وأقاربنا وصلة رحمنا.
هو التنافس المطحون الذي لا يبقي من الأركان عمودا، بل يزلزل الكيان، ويصنع الفوارق، ويوثق النفور، ويعزز القطيعة. وفي النهاية ما المحصلة؟ لا شيء سوى مزيد من اللهث المنبوذ نحو الدنيا، وترك القيم والمبادئ والأسس.
عندما ترى نفسك أصغر مما كنت تراها وهي عظيمة وكبيرة، عندما تلاحظ ضعفك وعجزك ثانية بثانية، وعندما تتيقن بنعم ربك الكثيرة والمتعددة التي لم تشكره عليها، وعندما تتجسد أمامك حقيقة نفسك واضحة ومكشوفة وجلية بدون رتوش ولا تلميع ولا تضخيم ولا بريق ستعرف حقيقة هذا الضعف والخوف الذي ينتاب البشر ويسيطر عليهم في كل مشكلة أو مصيبة أو ابتلاء.
عندما تريد السند فلا تجد أحدا، وتريد العافية وتلح في طلبها وتفتقدها، وعندما تدرك قيمة صحتك وعقلك وقلبك، فكل ما في جسدك سخره لك ربك ليخدمك، حينها ستعلم أن النعم التي لا تدرك لا يجب أن تجهل.
نحن البشر غارقون في خيرات رب العباد وينقصنا فقط إدراك تلك الخيرات لننعم بها، ونشكر الله عليها.
اللهم لك الشكر أن أزلت خوفنا وجبرت ضعفنا اللهم لك الشكر على نعمك الظاهرة والباطنة، ولك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا.
samialjasim1