عندما نسمع عن الخوف، يتبادر في أذهاننا أنه أمر مذموم على الإطلاق، وأنه يدعو للخجل عندما يتصف الإنسان به، ولكن الحقيقة أن الخوف ليس مذمومًا مطلقًا، بل قد يكون مطلبًا مُلحًّا في بعض الأحيان.
فعلى سبيل المثال، عندما تخاف من سيارة قادمة نحوك بسرعة، فتتحرك مبتعدًا عنها، أو عندما تشعر بالخوف من شخص يبدو على ملامحه أنه غير سويّ فترفض التوقف له، ستجد أن شعورك بالخوف قد جنَّبك الوقوع في الخطر.
ونحن هنا لا نتحدث عن هذا النوع من الخوف، بل عن الخوف غير الطبيعي أو غير المعقول، والذي يمنع الشخص من النجاح أو الاستمتاع بالحياة.
والسؤال هنا: كيف نتعلّم الخوف؟
كيف يخاف أحدنا من الأماكن المرتفعة؟، أو من الظلام، أو من مواجهة الجمهور، كل تلك المخاوف يمكن إرجاعها إما إلى تجارب شخصية، أو من خلال سماع أو مشاهدة تجارب لأشخاص آخرين، تشكّلت على إثرها انطباعًات غير صحيحة من تلك التجارب.
وقد يرتبط الخوف بالظروف المحيطة، ومثاله أن تشعر بالخوف من حيوان مطلق في البرية، في حين أنك لا تشعر بذلك عندما تشاهده في حديقة الحيوان، ويفصل بينك وبينه سياج أو قفص.
كيف تواجه الخوف؟
تقول العرب: الخوف قبل التجربة عجز؛ لذا فإن من أنجع الأمور التي يمكن أن تعالج الخوف، أن تتعرَّف على ماهية الأمر الذي تخاف منه، ثم تتعرض لتجارب مخففة من ذلك الأمر، على سبيل التدرُّب وبطريقة الجرعات المخففة، كما هو الحال في علاج الأمراض بالمضادات، فعلى سبيل المثال، عند الخوف من المرتفعات، حاول الوقوف على مرتفع بسيط لا تتأثر عند السقوط منه، ثم قم بزيادة الارتفاع قليلًا وهكذا، وعند تعليم مَن يخاف من السباحة لتجربة سابقة له، يتم التدرُّج معه في ذلك حتى تتكوّن لديه ثقة في قدراته، ثم سيسهل الأمر عليه بعد ذلك.
ومن الأمور المُعِينة على تجاوز الخوف أيضًا، أنه عندما تشعر بالخوف، حاول أن تتوقف وتأخذ نفَسًا عميقًا؛ لأن ذلك سينشط جهازك العصبي وسيجعلك قادرًا على التفكير بوضوح في ردة فِعلك تجاه ما تحذر منه، أما إذا كانت الحالة أصعب من ذلك، فالأجدر طلب استشارة من أخصائي صحة نفسية، حيث يمكن للعلاج السلوكي المعرفي أن يساعد في تقليل حساسية المرء نحو مخاوفه تدريجيًّا.
قال المنفلوطي: إن أقدم وأحسن الانفعالات البشرية هو الخوف، وإن أقدم نوعيات الخوف هو الخوف من المجهول.