الملز هو الحي الواقع بين شارع الجامعة من ناحية شماله الغربي، وبداية طريق خريص، واعتبر في مرحلة بدايات الستين الميلادية الماضية هو النخبة أو الصفوة، وبذرة الفهم الراقي لثقافة السكن.
حي الملز، وهو لمن لا يعرفه أشهر وأهم حي في مدينة الرياض طيلة عقود، ووصف بأنه حي المثقفين. هذا الحي لم يعرف ازدحام السيارات، ولم يعرف تجمعات السيول، شوارعه متسعة اتساعا لم تعهده الرياض القديمة، وصمم بطريقة رائعة، وبيوته مختلفة عن بيوت الرياض السابقة، إذ كانت غالبية بيوت الملز على شكل فيلا لم يعرفها سكان المناطق الأخرى في الرياض كالظهيرة والعطايف وعتيقة.
التصميم الإنشائي لبيوت أو فلل الملز تلك يعطي مساحة فضاء بين بوابة الدخول والبنيان، وذلك يغري بزرع الثيل والسياج الأخضر والقرع والطماطم وبعض أنواع الزهور، وشجع الأهالي على هذا النهج عذرية التربة وخصوبتها مع وفرة الماء، فكانت ثقافة الاخضرار سائدة. ففي المساء تقوم الأسرة برش الثيل والجلوس خارج المبنى لوقت من العشية، والبعض من أهل السعة جلب مكيفا صحراويا لتلطيف جو الحديقة.
صاحب تلك البيئة الحضارية ظل تخلف رافق السكان الذين يحاولون القفز على أزمنة البداوة، ألا وهو وجود أعداد من الماعز في تلك الأحياء الجديدة والخضراء!.
تلك الأغنام عادة متروكة تحت نظر وإمرة راع، يأخذها جيئة وذهابا بين شوارع المنطقة الواقعة شمالي شارع جرير، حتى شمال المستشفى الوطني.
راعيها ينام عنها في الظهيرة الحارة الجافة، ويتعمد فتح الباب الخارجي للبيوت ويتركها «تشبع» داخل حديقة الدار، أثناء أخذ صاحب الدار قيلولة الظهيرة. لا يوجد نظام عقابي آنذاك. والمهم الغنم تشبع.
إمعانا في طلب الخير وحب عمل المعروف تبرع واحد أو أكثر من سكان الحي الواقع شرقي شارع الستين في الملز بـ .. تيس!، وهو ذكر الماعز، وألحقه بمجموعة تلك الأغنام، حبا في الإكثار!.
يقول أحد قاطني الحي إنه أفاق من قيلولته على صوت جرس الباب، وزاد الطارق بأن دق الباب بشدة وإصرار.
قام صاحب الدار مذعورا، وعبر الحوش في ظهيرة يوم قائظ، ثم فوجئ بالطارق يسأل:
- ما عينتوا تيس سبيل؟
شرح السؤال
ما عينتوا = هل رأيتم.
سبيل = خدمة مجانية خيرية.
@A_Althukair