@ALAmoudiSheika
الحماس والرغبة الملحَّة، والإرادة اللا متناهية تزود الإنسان بإقدام يغذي النفس، وعزيمة لا تتكاسل، وإصرار لا حدَّ له؛ لتنفيذ أمر ما يريده بشدة، كتعلم منهج يريده أيًّا كان رافده، أو إتقان صنعة استحوذت على رغبته، أو تحقيق أمنية تلحُّ عليه تضيء لا تنطفئ، وكلما خفتت أضاف عليها من رغباته؛ لتتوقد، فيُعاد وهجها، كل ذلك يندرج تحت مسمى الشغف في عرفي، وهذا الشغف له أصول وقواعد وقوانين توجّهه، لكن لا تحدّه، تنسكب على الأمور لتعطيها دافعًا وبريقًا، وعنصر جذب على أثره تُبقي الإنسان في اجتهاد.
عندما يتذوق الإنسان هذا الشعور يتعلم منه مذاقات لا يستطيع الاكتفاء منها، بل يطلبها باستمرار، فكلما انتهى شغفه في شيء بتحقيقه، تجده يبحث عن تطويره، فإن وصل لسقف النهاية فيه، تجده يبحث عن شغف جديد ينهل منه شعور الحماس والرغبة، يدفعه للعمل وللتفكير والإنجاز يجعله مجهدًا، وذاك الجهد يستعذبه؛ لأنه يكره البقاء دون هدف، بل يتصور ذاته دون هدف، كمتسلقٍ بلغ منتصف جبل، أسفله طغى عليه طوفان وملكه، فإن نزل استعبده وأغرقه، وإن لم يواصل الصعود سيضعف ساعده، وستُخار قواه، ولن يصمد طويلًا في مكانه، ويعرف أن السبيل لنجاته لن تكون سوى بالإقدام، فيندفع لا يوقفه شيء لكسب حياته.
هؤلاء البشر إن أصاب بوصلة إلهامهم لذاتهم خلل؛ بسبب خلل بعض البشر، وعانوا فقدان الشغف، تجدهم يفقدون الاهتمام بالحياة، ويعتبرون كل المواضيع المهمة مواضيع ليست ذات أهمية أو مواضيع جانبية، ويغرقون في حالة غريبة، ليس لها وصف سوى أنهم يصبحون كدمى مبرمجة، يؤدون أدوارهم برتابة بصمت مستسلم، يفعلون كل ما يُطلب منهم، لا يناقشون، لا يعترضون، بل أحيانًا يفقدون حِسَّ فهم المشاعر، فلا يضحكون على ما يُضحِك، ولا يحزنون على ما يُبكي، ملامحهم تنبض فيها العروق، وترمش العيون، ويندر تحدث أصواتهم، ذاك منهج حياة أجسادهم دمى بملامح بشر.
* فارقة:
لا يهشم إبداع الإنسان سوى إنسان، ولا يقوي الإنسان ويسند عزيمته، بل يطوره ليصبح صورة أفضل من ذاته أحيانًا سوى إنسان.