إن للتغيرات المناخية دورا في شعور الأفراد بتقلب المزاج وانخفاض النشاط ذلك أن هناك اضطرابا معروفا يدعى الاضطراب العاطفي الموسمي، وهو نوع من حالات الاكتئاب التي تحدث بسبب التغيرات الموسمية حيث يبدأ وينتهي في الأوقات نفسها تقريبا من كل عام، الأمر الذي يقلل من حيوية الفرد ويوهن من قوته وبالتالي يقلل من إنتاجيته، وتزول هذه الأعراض غالبا خلال أشهر الربيع والصيف، وفي ظل التحسن الملحوظ للأجواء واعتدالها هذه الأيام بسبب انخفاض درجات الحرارة، وانخفاض نسبة الرطوبة، يعتقد البعض بأن ذلك سبب في انخفاض إنتاجيته وانكماشها، ولكن هل موضوع انكماش الإنتاجية مقرون بالطقس؟ وإن لم يكن كذلك فما قد يكون السبب الفعلي لانخفاض إنتاجية الفرد المفاجئة؟؟
إن مجمل الدراسات والأبحاث حول الإنتاجية والإنهاك والصحة العقلية والشعور بالكسل أثبتت بشكل أو بآخر أن السبب الرئيسي للشعور بقلة الإنتاجية يعزى إلى أن أجسادنا وعقولنا تصرخ وتطلب بعضا من السلام والهدوء والراحة، وما ندعوه كسلا أو خمولا غالبا ما يكون في الواقع غريزة قوية منها للحفاظ على الذات، فنقيض الكسل ليس جهدا أكبر وإنما الاستدامة والانتظام في أداء أي عمل كان.
تعتمد الإنتاجية المتميزة في المقام الأول على تعريف واضح وثابت لخطوات سير أي عمل بشكل يخلو من المهام المتكررة وغير الضرورية التي ترهق العقل والجسد على حد سواء لأجل الحصول على إنتاجية عالية في وقت قصير والأمر الذي قد يبعث بالانكماش الإنتاجي على المدى الطويل.
على سبيل المثال ممارسة الرياضة مثلا، لا يمكن للفرد أن يشهد نتائج مبهرة في غضون يومين من الجهد الكبير، بعكس ممارسة الرياضة بانتظام وبجهد متزن على المدى الطويل، ذلك أن طبيعة أي إنجاز يتطلب الصبر وتكريس ساعات يومية منتظمة من الجهد المنتظم لضمان استدامة إنتاجه، فكل المشاريع سميت مشاريع لأنها تتم بإنجازات صغيرة منتظمة طويلة الأمد، وخطوات بطيئة مستدامة.
للمقال بقية..
ومضة:
السماء لم تخلق بيوم، وروما لم تبن بشهر، والأهرامات لم تقم في عام، والحضارات لم تنهض بعقد، وكل من تعرف وتجهل من المفكرين والمبدعين، لم يخطوا أعمالهم أو ينتجوا أفكارهم بليلة واحدة.
Twi: @al_muzahem