استوقفتني على مدى يومين عبارة العمل العربي المشترك، وكان اليومان هما الوقت الذي تابعت فيه مع ملايين العرب أحداث قمة الجزائر في دورتها الحادية والثلاثين، والتي انتهت من أعمالها قبل أيام. العمل العربي المشترك على مستويات السياسة والأمن والطاقة والاقتصاد شبه غائب وجاءت هذه القمة لتذكرنا به، الغريب أن الجزء الأكبر من تذويب العمل العربي المشترك والتلاعب به يأتي من التدخلات الإقليمية والدولية في الشأن العربي. والغريب أن مصادر قالت قبل انطلاق القمة إن هناك دولا في القمة ترفض مناقشة خطورة التدخلات الإقليمية في الشأن العربي، حتى أنها حولته على واقع بائس وفتتت قوى الدولة في بعض أجزائه واستبدلتها بالميليشيات والجماعات والفصائل الإرهابية. عودة العمل العربي المشترك كأهمية عربية عليا قد تكون من الأمور التي تحمد لهذه القمة إذا ما تمخضت هذه القمة عن عمل حقيقي يعيد العمل العربي إلى الواجهة في ظل الفهم الأكيد بأن العمل العربي لن يكون مشتركا، ولن يكتب له النجاح إذا لم يحارب العرب أو يقفوا على الأقل في وجه كل أذرع التدخل في الشأن العربي. العمل العربي المشترك اكتشف العرب أنه بدأ يذوب ويتحلل في واحدة من محاور العمل العربي المهمة والتاريخية والتقليدية وهو العمل الفلسطيني، وهذه القمة أعادت ولو بشكل مؤقت العمل الفلسطيني وعلاقة العرب به إلى الواجهة من خلال التأكيد على لم الشمل الفلسطيني وهو عمل قامت به الجزائر كما قالت القيادة الجزائرية لكنه لم يختبر حتى الآن، من الأشياء التي استوقفتني أيضا في هذا اللقاء العربي التقليدي والتاريخي العنوان الذي أطلق على هذه القمة وهي قمة لم الشمل، من يتفحص هذا العنوان يجد أن له علاقة بالقضية الفلسطينية وبمعاناة الشعب الفلسطيني مع عمليات لم الشمل بين الأسر والعوائل والأقارب من أبناء الشعب الفلسطيني سواء في تعاملات الفلسطينيين مع سلطات الاحتلال، أو مع السلطات العربية التي نشأت فيها مخيمات لاجئين فلسطينيين منذ أربعينيات القرن الماضي. الأيام خير كاشف عن مدى هذا الحماس للعمل العربي المشترك، ولكن هناك نقطة أعتقد أن النجاح لم يك حاضرا فيها وهي عملية لم الشمل المغاربي أي المصالحة التي كانت مرتقبة بين المغرب والجزائر، وكان من المحزن جدا إعلان مسئولي الجامعة العربية بطريقة غير مباشرة عدم تمكنهم من جسر هوة الخلاف بين الجانبين، رغم أن الإشارات الأولية كانت مبشرة منذ لحظة وصول وزير الخارجية للجزائر مع الوفد المرافق الأمر الذي تزامن مع أنباء من وسائل إعلام أوروبية بأن ملك المغرب سيحضر القمة حتى أن بعض الأخبار أكدت أن طواقم البروتوكول الملكي وصلت للعاصمة الجزائر للتنسيق لحضور الملك محمد السادس، لكنها غادرت بعد أيام من وصولها وكانت تلك ربما الإشارة الأقوى على عدم حضور المغرب للقمة، ويضاف على ذلك بعض الأمور التي حدثت في اجتماعات المندوبية بين وزير خارجية المغرب ونظيره الجزائري تلك الأمور التي هددت بإلقاء ظلال غير محببة على مجريات القمة. اجتماع العرب بعد هذه السنوات كان مطلبا في حد ذاته، وجاءت هذه القمة لتعيد للبعض شيئا من الأمل، والأمل يزداد ويتجدد في أن تكون القمة القادمة في الرياض بوابة لتحقيق ما اتفق عليه العرب في الجزائر.
@salemalyami