تتبلور الخضرمة في معان كثيرة، وأصل الخضرمة في أساسها هي أن يكون الشيء «وسط» بين البين، أي بين الحلو والمالح وهكذا، وتأتي الخضرمة أيضا بمعنى التخليط، ويقال عن الشخص مخضرم في حال عاش بين فترتين، أو عاصر جيلين وهذا ما أود التحدث عنه هنا في مقالي، عن بعض المخضرمين الذين يشهدون الآن التطورات المتسارعة التي لم يشهدها جيلهم في الماضي، وممن يعتقدون بأن جيلهم الماضي هو الأفضل على الإطلاق.
ولحسم الأمر باكرا في بداية السطور، أقول إنه لا يمكن تتويج جيل المخضرمين بأنه الجيل الأفضل، ولا يمكن اعتبار أن الجيل الحالي هو الجيل المتفوق المتطور والأذكى، ولن أقوم بتفضيل جيل على جيل أو زمان على زمان آخر، إذ أن لكل جيل مزاياه التي تفرد بها والتي تلاءمت وتوارت مع زمانه، ومع يقيننا وعلمنا بهذا إلا أنه لا يزال البعض من المخضرمين يصر على كتم أنفاس البراعم الواعدة التي تمتلك رؤية متطورة ومختلفة عن سابقتها، واتهامها بالاستهتار وقلة المسؤولية وافتقارهم إلى العمق والجدية، من أجل الرغبة في سيرهم على نفس نهجهم الماضي.
الأجيال اليوم تكاد لا تلتقي بالكثير من الأمور المشتركة، سواء في الرؤى والأفكار، أو في الثقافة والأدب والفن والجمال والذوق، وتطلعات الغد، إذ أن المعايير والمفاهيم الحياتية تغيرت، فقد أصبح لكل جيل منظوماته ومفاهيمه الحياتية.
وحتى نصل إلى نقطة الالتقاء والانسجام بين كلا الجيلين وأعني جيل الآباء وجيل الأبناء، كان لا بد لجيل الأبناء التحلي بالأخلاق الفاضلة باحترام تفكير جيل آبائهم والاستفادة من خبراتهم الحياتية وتطويعها في رؤيتهم الجديدة، ولا بد لجيل الآباء أيضا موافقتهم فيما ينفعهم من خلال بذل جهد أكبر للوعي بمسارات القرن الجديد، وعدم التقليل من شأنها والتي يعتمد غالبيتها على التكنولوجيا، فالعالم في نهاية الأمر يسير في هذا الاتجاه، وأي مقاومة وتصد لهذا سيجعل الجميع في ركب المتأخرين.
ومضة:
التناغم يمنحنا القدرة على مجاراة الواقع وملاحقة إيقاع الحياة المتسارع.
Twi: @al_muzahem